كم هو صعب أن تكون في غربة …في وسط لا يهتم الا بما يكسب ولو على حساب وجودك ..
كم هو صعب أن تقدم كل ما عندك وتحصد الخيبة …لانك هكذا خلقت وهذا كان اختيارك ..
في متاهة الشرق الكل يتحدث عن الضمير وكأنة اسطورة لايمكن أن تتجلى في واقع الحياة …
الضمير عندنا أصبح مفهوما لممارسة الاستغباء مرة أخرى …الضمير أصبح أن تتقمص ثوب الرياء …أن تجلد نفسك مع كل زفير وشهيق وأنت تعمل من أجل لقمة الحياة .
ان وقع أحد فعليك مساعدته …وأن اصابك مكروه فالكل يبتعد عنك .
لا أحد يهتم بك ان اصبحت فقيرا …هرما …ان اكتوى جسدك بالبلوى ..
أن خسرت فانت المذنب ..وأن اعطيت فواجبك ذلك …وان عطفت على أحد أو ساعدت أحد بدون مقابل ..فأنت مجبر "برأيه" أو غبي …وما عليك إلا أن تتوقع الاذية منه .
ما بين الشرف والبغاء يتأرجح الضمير …ولكنه لا يستقر في مجتمعات لا تعرف الاستقرار الا بممارسة الفوضى …ولافرق هنا ما بين الشرف والبغاء لانه مصطلح لا يطبق الا على الجسد "في مجتمعنا" أما في الفكر والموقف فلا ضوابط ..
قد يقول البعض ..نحن في ازمة فكر واخلاق …لكن هل ولد فكر في متاهات العقل البدائي القبلي الاعرابي لكي يكون هناك أزمة فكر…
أين الضمير ؟؟ وهل هناك ضمير جمعي وبما يهتم ؟ لا نعرف يقولون ….لانه بلا لون أو شكل وليس له رائحة …
يعود فيقول انه الضمير ؟ من أجل حريم السلطان ونسله استعبدت الشعوب أكثر من الف سنة …ومن أجل أمراه ضاعت الاندلس …وباسم الدين حرقت الكتب واصبح الفكر منكرا …وكم من رؤوس قطعت …ودماء سالت …
ولكن دعنا من التاريخ …فإنه لا يستحق كل هذا العناء ….ويختصر بكلمة …لم نجد أثرا لشئ اسمه ضمير …
في الحاضر …..كوميديا ..تراجيديا ….أو ما بين بين …هل الجوع والفقر شرف أما ضمير …. وهل الفساد المزين بالالوان ترف اخلاقي ناتج عن فائض الضمير في قالب الزمان والمكان ؟
هل للفكر زمان ؟ أما للعقل مكان ؟ وهل الضمير أن تتعايش مع اليرقات التي تريد امتصاص دمك ؟
الحكمة أن تعشق الغربة.. ففي الغربة فكر وبحر ومستقر ..والغربة حالة وليست مكان …
لا تبالي ..لا شئ يستحق العناء ..في الغربة او في اللقاء …فالحال مع الزهور لا يدوم …ومع العواصف لا يختبر الاصطفاء .. ..فلا تقف عند الضوضاء وابحر وحيدا لعلك ترى في الابحار سحر وضمير …فالعالم خداع ومرواغ وفيه شقاء كثير …ابتعد قليلا …تعرى ….ففي التعري ضمير ومحبة وخلاص.