إن وطننا العربي يتميز بتفاوت كبير في ثرواته وسكانه ومياهه. ففي جزء منه نرى كثافة سكانية كبيرة بينما في جزء آخر قلة في السكان, وفي مكان ما غني شديد بالثروات وخاصة النفط كما في دول الخليج العربي, بينما يوجد في أمكنة أخرى فقر في هذه الثروات. وفي الوقت الذي يكون فيه غنيا" بالمياه في بعض الأماكن توجد أماكن أخرى فقيرة بهذه المياه لدرجة أن قيمتها تصبح أغلى من النفط.
إن ندرة المياه تتزايد في كثير من مناطق العالم التي تقف حجر عثرة في تقدمها وتطورها وخاصة في الوطن العربي, لأن الجزء الأكبر منه يقع في المنطقة الجافة وشبه الجافة والتي تصل إلى 80% من مساحة الوطن العربي. ويقدر هطول الأمطار السنوي في الوطن العربي بحوالي 2280 مليار متر مكعب , أي ما يقرب من 161مم كوسطي سنوي. وفي الوقت الذي لا يتجاوز فيه نصيب الفرد العربي من الموارد المائية عام (2000) عن 898م3 في السنة بالمتوسط وينخفض في بعض البلدان إلى 241م3.يصل المعدل العالمي إلى13 ألف متر مكعب والفرد العربي لا يستهلك سوى /150/ لتر من الماء يوميا", ومن المقدر أن ينخفض نصيب الفرد العربي عام 2025 إلى 566 متر مكعب وقد استخدمت بلدان الوطن العربي عام 2000 أكثر من 207 مليار متر مكعب من المياه للري والشرب والصناعة والاستخدامات المنزلية. وتتوقع الدراسات المائية عجزا" مائيا" عربيا" قد يصل إلى حوالي 97 مليار متر مكعب في عام2030 .
لقد أشار تقرير منظمة اليونسكو في آذار من عام 2003 إلى أن عشرين دولة عربية تقع تحت خط الفقر المائي الذي يقدر في 1350 متر مكعب في السنة . و بين التقرير أن الدول العربية في منطقة بلاد الشام تقع تحت خط الإجهاد المائي.
و أشار التقرير أيضاً إلى أن حصة الفرد من المياه في الأردن لا تزيد عن / 200 متر مكعب/ في السنة و في فلسطين 70 متر مكعب أما في قطاع غزة لوحده فلا تزيد عن/ 30 متر مكعب / و في سوريا و لبنان حوالي 800 متر مكعب و هذا يعني أننا في أزمة حقيقية.
و نشير في هذا الصدد إلى أن التزايد السكاني الكبير في الوطن العربي المترافق بالإستعمال غير الرشيد للمياه. بالإضافة إلى ما تتطلب عملية التنمية من مياه يزيد من تفاقم المشكلة. فالإحصائيات تشير إلى أن معدل النمو السكاني في الوطن العربي من أعلى المعدلات في العالم إذ يبلغ حوالي 3 % سنوياً حيث ازداد عدد السكان من 134 مليون نسمة عام 1970 إلى 250 مليون عام 1994 و وصل عام 2004ً إلى كثر من 300 مليون نسمة و يقدر أن يبلغ 390 مليون عام 2015 و 490مليون عام 2025 .ومع هذه الزيادة الكبيرة في عدد السكان سوف تظهر أوضاع جديدة تزيد من حدة المشكلة المائية مالم يتمكن تداركها في الوقت المناسب.
تعاني المنطقة من موجة جفاف وهدر وسوء استخدام للمياه يهدد 30% من الأراضي العربية بالتصحر بنسب متفاوتة, , ونشير هنا إلى أن معظم أنهار الوطن العربي الهامة تنبع من خارج أراضيه كنهر النيل والفرات ودجلة, ويقدر واردها السنوي بأكثر من 160 مليار متر مكعب, وهذا يضع أمن البلدان العربية في خطر وعرضة للتيارات الاقتصادية والابتزاز السياسي, خاصة وأن الكثير من البلدان العربية تعاني من العجز المائي.
تعتمد الزراعة العربية في 75% من المساحات المزروعة على الأمطار, وتشكل الأراضي الزراعية المروية الربع فقط,مما يعرض الإنتاج الزراعي العربي لتقلبات الطقس وموجات الجفاف, وبالتالي فان استهلاك المياه موزع إلى 83% للزراعة و12% للصناعة و5% لحاجات السكان.
لذلك فالمطلوب ترشيد استخدام المياه في جميع المجالات, واستخدام التكنولوجيا المتطورة والحديثة لتوفير المياه وتحسين نوعيتها.