من أجل الفوز بالحرب ضد الإرهاب، علينا أن ننتصر في حرب الأفكار، ويقصد بهذه الحرب معركة الفكر مع أولئك الذين تجندهم الشبكات الإرهابية في كافة أنحاء العالم، حيث نجد في مقابل كل إرهابي يعتقل أو يردع ، هناك آخرون يتدربون. لذلك لا بد من خوض حرب الأفكار لمنع الجيل الجديد من الإرهابيين من تنظيم صفوفه، الحرب ضد الإرهاب ستكون طويلة وصعبة وخطرة.
الأمريكي توماس فريدمان الذي نشر مجموعة مقالات حاول فيها شرح وتحليل مفهوم أو مقولة حرب الأفكار " بأن الحرب العالمية الثانية كانت حرب النازيين، الذين استخدموا ماكنة ألمانيا لفرض هيمنة العنصر الكامل، الجنس الآري. والحرب الباردة كانت حرب الماركسيين، الذين استخدموا ماكنة الاتحاد السوفيتي لفرض هيمنة الطبقة الكاملة. وكانت 11 سبتمبر حرب الأصوليين، الذين استخدموا التفجيرات الانتحارية لفرض هيمنة الدين الكامل، الإسلام السياسي."
وأما عن طبيعة المهمة في حرب الأفكار فيرى فريدمان " أنها بصورة أساسية ينبغي أن تكون في داخل المجتمعات الإسلامية نفسها، وبإشراك المعتدلين في هذه المعركة، فهو يعتقد أن الأكثر أهمية هو إيجاد سبل لجعل المجتمعات التي يأتي منها هؤلاء الأصوليون هي التي تردعهم أولاً، فهي- أي هذه المجتمعات- الوحيدة التي تعرف أناسها، وهي الوحيدة أيضاً حسب تقدير فريدمان القادرة على كبح متطرفيها. ولأن هؤلاء كما يضيف ليسوا دولة خاضعة للردع التقليدي أو القواعد الدولية، وليسوا أفراداً يردعهم الخوف من الموت. وليس بوسعنا والكلام لفريدمان تغيير المجتمعات والثقافات الأخرى بأنفسنا. ولكننا أيضاً لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي من دون أن نفعل شيئاً في وجه هذا التهديد المتصاعد. وهنا يصل فريدمان إلى طبيعة المهمة التي يراها في حرب الأفكار، وهي المشاركة مع قوى الاعتدال في هذه المجتمعات العربية والإسلامية بمساعدتها على خوض حرب الأفكار، وهذا يتطلب تعزيز المعتدلين في العالم العربي، ويدعو الغرب لتبني أساليب وتكتيكات تساهم في تعزيز مكانة ونشاط هؤلاء المعتدلين. "
وبهذا الشكل واعتمادا على المخرجات النظرية لحرب الافكار أطلق ما يسمى الربيع العربي وحوار الاديان وكانت واشنطن مركز العمليات ، باشراف الخارجية الامريكية وبتمويل المركز العالمي المنفنح الذي يديره جورج سوروس ، ونتح عن ذلك التحالف مع المعتدلين "الاخوان المسلمون" وسقوط العواصم العربية من تونس الى بغداد ، واستخدام الارهاب لتحقيق أهداف سياسية ، أي لتدمير المنطقة وتستمر الحكاية الامريكية من خلال استمرار دعم هؤلاء "المعتدلين" والترويج للصراع الشيعي السني المزعوم ، لخلخلة النسيج الاجتماعي في المنطقة وصولا الى وضع دولنا تحت الهيمينة أي المحاصصة الطائفية البغيضة ….
والسؤال هنا…لماذا لا نريد أن نتعلم ؟ ولماذا نهيئ البيئة للمشاريع الامريكية الحالية والقادمة ؟ لماذا لا نريد التطور وامتلاك القوة ؟ لمصلحة من ؟
أن الأفكار لا تنتشر لوحدها وإنما ضمن سياق معين. فالسياق السيء يخلق مناخاً خصباً لانتشار الأفكار السيئة والعنف، وهذا بدوره نابع من ما يسود تلك المجتمعات من مشاعر بالإذلال والغضب،والنتيجة التي يمكن التوصل إليها بقناعة كبيرة هي أنه من المستحيل الحديث عن تحقيق النصر في حرب الأفكار في العالم العربي المسلم بدون التحدث عن الشيء الأكثر أولوية ، والذي يمنح الناس الكرامة والأمل، وهذا الشيء هو العمل، الأرقام والحقائق تشير الى أن ما بين 90 مليون شاب عربي تراوح أعمارهم ما بين 15-24 سنة، هناك 14 مليونا منهم بدون عمل. إلى غير ذلك من أرقام مفزعة، وهذا ينتج أكثر المجتمعات قسوة ولا مساواة في العالم، فتوزيع الثروة غير عادل على الإطلاق، وتوجد فيه طبقة فقيرة جداً بل ومعدمة، وهذا لا يليق ببلد غير من خلال صموده معالم العالم ، لا يمكن الحديث عن محاربة التطرف والارهاب والكراهية الا من خلال التنمية والعدالة وسيادة القانون ، أما الخطب والفتاوى وتمكين تيارات الدين السياسي فهي وصفة الدمار الذاتي وتهيئة البيئة لجيل ارهابي جديد .
أن الشباب الذين ينمو ضمن سياق فرص اقتصادية حقيقية، وفي ظل سيادة القانون، وحق التكلم والكتابة في أي شيء يرغبونه لن يكونوا بالتأكيد راغبين في تدمير العالم، وإنما سوف يريدون أن يكونوا جزءاً منه.
أساس المشكلة هي في داخل المجتمعات العربية والإسلامية، والعلاج بشكل أساسي يأتي من داخل هذه المجتمعات نفسها، ولا بد من التخلص من أفكار التطرف والعنف والإرهاب بدعم قوى البناء والتحرر والحس القومي والوطني بعيدا عن متاهات الدين السياسي .
معركتنا نحن في حرب الأفكار فهي في المرتبة الأولى مع التخلف الذي أورثنا كل هذا الجهل والفقر والجمود والتحجر..معركتنا هي معركة تحرير العقل العربي