بقلم المهندس عبد الله احمد
هل يتعلم الشرق من الازمات ؟ أم أننا لا نريد أن نخرج من عصر الجنون ؟
قبل بداية الحرب على سورية كانت التحضيرات الغربية كبيرة ، مشاريع متعددة ، تمويل هائل ، واعلام مركز ، والهدف هو الهيمنة على سورية والشرق كمقدمة لعصر امريكي جديد ..وهذا ليس تحليلا او استنتاجا وأنما وثائق ومعلومات ، لكن على ماذا اعتمد الغرب في رهانه عل نجاح مشروع الفوضى الخلاقة ؟
الوثيقة الاهم هو ما صدر عن مركز راند الامريكي لعام 2006 ، حيث اعتمدت هذه المشاريع على العناصر التالية "كما ورد في الوثيقه" :
1. الأكاديميين والمثقفين المسلمين وذو الاتجاهات الليبرالية (النيوليبرالية)
2. علماء الدين الشباب المعتدلين
3. نشطاء المجتمع
4. المجموعات النسائية المشاركة في حملات المساواة بين الجنسين
5. الصحفيين والكتاب المعتدلين.
وتزامن ذلك مع أنشطة تحت عنوان "حوار الاديان" وندوات حول تأهيل هؤلاء اعلاميا فعقدت ندوات في اندونيسا والاردن ولبنان والمغرب وتونس (الاعلام الجديد والمشاع الابداعي ) واسست بالتوازي تنظيمات خطيره من أهمها تنظيم الديمقراطين العرب (عماده الاخوان المسلمين …والمعتدلين) …والشرح يطول (وذكرت كل التفاصيل في كتاب الحرب القذره).
الملفت هو " علماء الدين الشباب المعتدلين " والنيوليبرالية ، والبعض لا يريد أن يفهم الفرق ما بين العلمانية والنيوليبرالية …وهذا البعض يسوق لمفهوم الاسلام المعتدل ويعيد استخدام نفس الوسائل الغربية (الفريق الديني الشبابي ) في زمن ننتصر فيه على ادوات المشروع الغربي أي على نفس الادوات ..
هل هناك شيء اسمه الاسلام المعتدل ؟ وهل يمكن أن نعالج الازمة بنفس الادوات القديمة ؟
يعرف الجميع وحتى من يسوق لهذا المصطلح أنه لا وجود لشيئ اسمه اسلام معتدل ، وبالاخص عند الحديث عن الدين السياسي بكل اشكاله فأن المرجع واحد لكل تلك التنظيمات والمؤسسات وفقه الازمة والاعتدال وغيره ..الكل يعتمد على تخاريف تكفيرية كتبت بعد 183 سنه من ظهور الاسلام ، اي صحاح مسلم وبخاري والكافي وبحر الانوار وما اشتق منها مثل كتب المرجع الفقهي وغيرها ! وهنا نسأل كيف تدرس ما يسمى الاسلام المعتدل معتمدا على مراجع تكفيرية "مقدسه"؟.
من جهة اخرى ، في خطبة الوداع رسول الاسلام محمد أعلنها للجميع أن الرسالة قد بلغت وتمت ، والنص الالهي واضح "اليوم أتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دين .." أذا انتهى عصر التبشير والدعوة …وما نراه اليوم هو تبشير بدين سياسي جديد يرفض الاخر ويكفره ويشوه الاسلام الحقيقي من خلال تخاريف "التراث المقدس المفترض"
ما نراه اليوم هو استخدام للدين لتحقيق أهداف سياسية وهذا ينسجم مع المشاريع الغربية ، أنه الجشع للسلطة ..
الغريب أن البعض لا يرى في هذا التمدد الديني السياسي خطرا ، ولا يرى في حملة هؤلاء الكهنة في التبشير بهذا الدين السياسي الجديد من خلال الخطب والمدراس الشرعية والدفع بقوانين مثل "قانون الاوقاف" خطرا ! وهنا تكمن المعضلة أي اننا لم نتعلم شيئ من دروس الماضي ولا نريد أن نبني دولة علمانية وطنية لكل ابناءها …أي أننا نهيئ البيئة العربية لازمات جديد ومؤامرات غربية جديدة …
الحكمة تقول العلمانية الوطنية السياسية هي الحل ، وهي من المفترض ان تكون جوهر السياسات الوطنية حيث أن الاحزاب الوطنية ومن أهمها حزب البعث هو حزب علماني قومي …
البعض من الصحافيين المغموريين ومدعي الثقافة يعتقد أنه أذا تحول الى بوق يصفق لكل شيئ يكون مقاوما ووطنيا ومع توجهات الدولة ،فهم يصفقون لرجال الدين ولخطبهم النابعة من صميم اعتقادهم (تكفير الاخر واعتبار النساء السافرات كافرات …والبدع الاخر التي تقسم المجتمع وتهدم أعمدة ورؤى الدولة ) ، في الحقيقه هم يخدمون المشروع الغربي وهم أدواته ، تقوية الشعور الوطني تكون برفض كل ما يهدد كيان الدولة من ارهاب او فكر ، تقوية الدولة يكون بالاضاءة على أي تقصير حكومي او ظواهر سلبية وليس التصفق أواتهام الاخر المناضل من أجل وطنه ومستقبله …وهنا نقول هذا ليس زمن السفسطائين وانما زمن العقل والمعرفة..
حرية العبادة والتدين والاعتقاد هي ضرورة ويجب أن تكون مصانه،الا أن البعض لا يعرف أنه بالمعرفة فقط تتطور الامم ، وعلى البعض أن يتذكر ان الألماني يوهان غوتنبرغ عندما اكتشف سر الطباعة كانت البداية لهزيمة الدين السياسي وتسلط الكنسية التي كانت تحتكر المعرفة والكتب ، وانهارت تخاريف صكوك الغفران وكانت بداية عصر النهضة ..
هزم عصر الجنون هناك ، على أمل أن يهزم في هذا الشرق الكئيب ..ولن يكون ذلك إلا بالعقل بالمعرفة وليس ببدعة النقل ، عندها يكون الشرق قد تعلم من الازمات وظهرت الحقيقة الغائبه كمقدمه لعصر النهضة الشرقي .