.ترامـب يصـــرح علنـــاً لو لا الســـعودية ( لغـــادرت ) اسرائــــيل ………
………..لمـاذا أفصــح ترامــب الآن عن الحــــلف الاسرائيــلي الســعودي ؟……….
………..فصل ترامــب بين من ( مع مغادرة اسرائيل ، وبين من مع بقائها )……….
المحامي محمد محسن
لا يجوز أن نستخف بتصريح ترامب العلني ، ولا بتوقيته !!، والذي جاء فيه [ لولا السعودية ، ( لغادرت اسرائيل المنطقة ) ] ، علينا أن نتمعن بكلمة ( مغادرة ) ؟؟ والمدى الذي تعبر عنه ؟؟، ومن طيف المعاني لكلمة مغادرة ، لذلك يقتضي منا وضع التصريح في المقام الأول من الأهمية ، انطلاقاً من قناعة أن اصدار مثل هذا التصريح ( الصادم ، والحاسم ) من رئيس أمريكي ، ولأول مرة في التاريخ وبهذا الوضوح ، لا يمكن أن يصدر قرار بهذه الأهمية عفو الخاطر كما يظن البعض ، بل لا بد أن يمر على مستشاريه ، ليتخذوا القرار بإخراج الحلف من السرية إلى العلنية .
.
فما هي تلك الأسباب الجوهرية التي دفعت أمريكا المتجبرة للنطق به ــــ والآن ــــ ،: هل هو ( الزمن الضاغط ) , الذي استدعى تسريع العمل من أجل انجازه ، أو السعي لرَفْعِ الحرج عن الملوك ، والأمراء ، عند مجاهرتهم به ، أو دعوة واستنفار العاملين في السياسة ، والصحافة العربية على وجه الخصوص ، وكل العملاء الذين باعوا مواقفهم وتاريخهم وأقلامهم وهم لا يعدون ، للنهوض بمهمة الدعاية له ، وترويجه وايجاد المبررات لإخراجه إلى العلن ، وإظهار ما سيترتب عليه من نتائج مهمة لكلا الطرفين ( اسرائيل وممالك الخليج ) ، أم لهذه الأسباب مجتمعة ؟؟[ هذه هي الأسباب ]
.
أما الدلالات التي يمكن أن نستنتجها من تصريح ترامب المثير للجدل هذا ، ومن توقيت صدوره ، فهل نجدها في الظروف المستجدة في المنطقة ، وعلى رأسها النتائج المترتبة على حربهم على سورية ، مما استدعى هذا الاعلان المفاجئ ؟؟، لذلك ومن خلال الاجابة على هذا السؤال المزدوج : [ لماذا العلنية ؟ ، ولماذا الآن ؟ ] ، نجد الدلالات ، فهذان السؤالان الشرطان متلازمان ولا يجوز الفصل بينهما ، فهما مترابطان ، وكل منهما يساهم بتوضيح الآخر .
.
…….. دلالـــته بالنســـــبة لإسرائـــــيل :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ألم يكن من المعروف والسائد أن قدرة اسرائيل العسكرية وبحسب التقييمات الغربية ، تفوق قدرات الجيوش العربية مجتمعة ؟؟، وهذا ما كانت تحرص عليه أمريكا وحلفائها الغربيين منذ تأسيس الدولة الصهيونية ، بصفتها الزراع الطويلة لأمريكا في المنطقة ؟؟ ، ألم تهزم اسرائيل الجيشين السوري والمصري معاً في حرب حزيران / 1967 / ؟؟ ، ألم يحدث هذا في حرب تشرين / 1973 / مع انتصار جزئي ، طبعاً هذين الانتصارين تمتا بعون أمريكي مباشر ؟؟ .
ولما كان جميع العاملين في السياسة يعلمون ، أن السعودية وجميع المحميات الأمريكية في الخليج امتداداً إلى مليك الأردن وغيرهم ، كانت ولا تزال حليفة لإسرائيل ، ومع ذلك لم تبادر هذه المحميات كما لم تعلن عن مساعدتها لإسرائيل بشكل مباشر ، ولم تأمرها أمريكا بذلك في تلك الأثناء ، مع علمنا أنها كانت تقدم الكثير من الخدمات لهذا الحلف ولكن بأساليب أخرى .
ألا نستدل من هذا أن اسرائيل ما دامت قوية وقادرة على دحر أعدائها منفردة ، لم يكن هناك أي مبرر لإعلان ذلك الحلف ، بل ترك المجال لكل طرف أن يقوم بالمهمات الموكلة له على وجه الاستقلال ، والتي تتقاطع من حيث النتيجة مع بعضها ، اذن من الممكن أن نستنتج بدون لبس ، أن اعلان هذا التصريح يدل دلالة واضحة على أن اسرائيل باتت في خطر ؟؟ بل ليست في خطر فحسب بل باتت في خطر وجودي ( قد يؤدي إلى مغادرتها المنطقة ؟؟ ) ، وهي بحاجة إلى دعم عاجل ؟؟ ، لذلك استخدم الرئيس ترامب عبارة ( لولا السعودية لغادرت اسرائيل !!!).
……………….أما دلالتــــه بالنســــبة للســـعودية :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لم تكن السعودية متقاعسة عن القيام بأي مهمة من المهمات التي كانت تسند لها منذ تأسيسها حتى الان ، ضد دول المنطقة وضد شعوبها ، من قبل بريطانيا بصفتها الدولة المؤسسة ، ومن ثم من قبل أمريكا بعد أن استلمت عهدة حمايتها ، بل بالعكس فإن تاريخها الأسود يشهد على ذلك ، على أنها كانت تقوم بجميع المهمات التي تؤمر بتنفيذها ، وبكل موضوعية يمكن أن نعتبر تلك المهمات تتقاطع من حيث النتيجة والمآل مع المهمات التي تقوم بها اسرائيل !!، وكان أهمها : تطوير التناقضات بين المذاهب الاسلامية ، وتسعير الصراعات الطائفية والمذهبية في المنطقة ، وتوسعة المذهب الوهابي التحريفي على حساب المذاهب الاسلامية الأخرى وبخاصة ( السنية منها ) ـــ مع الأسف ـــ ، وتكفير المخالف لمذهبها .
.
ولقد انخرط حزب الاخوان المسلمين في هذه المهمات بشكل مباشر ، حيث عمد إلى تسعير الصراعات المذهبية ولكن من أفقه الخاص ، الذي يتعارض والوهابية بل يتنافس معها في قيادة العالم الاسلامي ، [ وما الحروب الدائرة الآن في العراق ، وسورية ، واليمن ، إلا المثال الساطع والتعبير العملي وبكل جلاء ، عن ما قامت به السعودية ومحميات الخليج عبر تاريخها ، والتي لاتزال تقوم به ، هي وحزب الاخوان المسلمين الذي يلقى تأييداً من قطر ، ( حروب التكفير ، والقتل ، والذبح، كلها باسم الاسلام ؟؟) ] .
.
وبالرغم من الطاقات الهائلة وغير المحدودة التي سخرت لهذه الحرب المجنونة ، فلقد خسر معسكر العدوان بكل أطرافه حربه ، ( أمريكا مع الحلفاء والتابعين ، بما فيها السعودية ، والدولة الحليفة اسرائيل ) ؟؟ ، مما استدعى لملمة أطراف التحالف العدواني ، للمراجعة وشد الأزر ، والاستعداد لمواجهة الواقع المستجد الذي بات خطيراً .
وبخاصة بعد فشل السلاح القذر لهذه الحرب ( الحروب المذهبية ) وثبوت بطلانه ، والذي كان الغرب يعول عليه منذ عقود ، والذي اسندت عهدته إلى المملكة العميلة السعودية ، والتي ما فتئت تتآمر على الأنظمة التي لم تدخل تحت الحماية الأمريكية .
ولكن ألم تكن تلك المهمات الخطيرة التي قامت بها السعودية مكملة للحروب الاسرائيلية ؟؟ ألم تقدم خدمات جلا لإسرائيل ، تفوق أهميتها مساعدة اسرائيل بشكل مباشر عسكرياً . ؟؟؟!! ، أما الآن وبعد الخسارة المدوية ، كان على أمريكا اشهار الحلف واعلانه لأن الظروف المستجدة تستدعي الاعلان والتنفيذ .
.
هل بعد هذا من دلالات على الدوافع التي دفعت ترامب لإعلان هذا الحلف الآن وليس قبلاً ؟؟ ، لماذا لم يعلن أي رئيس أمريكي بهذه الصراحة مثل هذا الإعلان حتى الآن ؟؟ ، ألا يعني هذا أن تغييراً دراماتيكيا متراكماً حدث في المنطقة ، شكل ضغطاً دفع ترامب لإصدار هذا التصريح الصريح ، الخارج عن المألوف ، وأن الحرب على سورية غيرت ظروف المنطقة وخلخلت دول معسكر العدوان ؟؟ ، وعلى رأسها اسرائيل والسعودية ؟؟ .
ألم توقف هذه الحرب غزوة القطب الأمريكي الأوحد المتوحش المتحكم والذي فقد انسانيته ، وأوصلته الفلسفة البراغماتية ( النفعية ) إلى التحالف مع أكثر دولة رجعية في العالم ألا وهي السعودية ، التي تستخدم السيف في قطع الرؤوس للمعارضين في الساحات العامة ، والمنشار في تقطيع الأجساد ، ؟؟ وتحكم شعبها بقانون محرف أسود كتب قبل ألف عام ؟؟
.
………..ما هي ارتددات هذا الاعلان السلبية وايجابية ؟؟
كان ترامب ومنذ مجيئه إلى البيت الأبيض يتبنى ( صفقة القرن ) ، انهاءً وليس حلاً للقضية الفلسطينية ، والذي يعتبر هذا الاعلان تمهيداً لإنجاز الصفقة ، ولقد تمكن ترامب من تحقيق شرطين شكليين من خطط تنفيذ هذه الصفقة ، اعلان القدس عاصمة اسرائيل ، وتوجيه الأمر إلى امارات الخليج لاستقبال نتن ياهو ، ففعل البعض والبعض الآخر ينتظر .
ولكن كانت المفاجأة الكبرى وقوف الشعب العربي الفلسطيني في وجه جميع المطبعين ، واستكملت حالة الرفض هذه بالاستقبالات المهينة التي تلقاها محمد بن سلمان ولي عهد السعودية في دول المغرب ، وحالات التشهير به وبأسياده التي عمت المنطقة ، وحتى العالم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان لكل فعل ردة فعل ، فإنني ابشر أن هذه الصفقة وذلك الاعلان ، سيعملان على استنهاض الشارع العربي من رقاده الطويل ، وسيخوض معاركه ضد المطبعين في جميع الدول العربية ، وسيتم فرز هذه القوى وعزلها عن ساحة الفعل السياسي ، وسيتمخض عن هذا الموقف حراك اجتماعي سياسي يعم الوطن العربي ، سيشكل ضغطاً على حكوماته ، للحؤول دون الانخراط في الصفقة .
……………..إذن لكـــــــل ضــــارة نافــــــعة .