أربعون سنة تمر على رحيل الرئيس الأسبق للدولة الجزائرية " هواري بومدين " ، صاحب النظرات الثاقبة ، وأب الفقراء ، كما يناديه البعض ، وما ميز ذكرى الزعيم هذا العام ، هي الكتابات الغزيرة في الصحف الجزائرية ، بأقلام باحثين أكاديميين وإعلاميين متمرسين ، تناولوا فترة حكم الرجل في مقالات وحوارات تهم بالدرجة الأولى الأجيال الصاعدة ، بحيث تطرقوا إلى أهم المراحل التي مرت بها الجزائر تحت قيادته ، والتي وصفت بإجماع ممن عايشوا المرحلة " بالذهبية "
كما أثيرت أيضا نقاط كانت محل جدل لم يخرج إلى العلن ، لتجد اليوم إجابة منصفة في حق الرجل ومساره السياسي ، بعد 40 سنة من رحيله ، خاصة فيما يتعلق بطبيعة حكمه ،اذ ادرك من عارض توجهه في ذلك الزمان أنه عارض رجل عادل ومنصف ، وهذا الأهم في حياة الشعوب ، على حد تعبير بعض الباحثين الاجتماعيين ، دكتاتورية تحفظ مصالح البلاد وتؤمن ممتلكات الشعب ، والطبقة الضعيفة ، في مرحلة التجاذب السياسي الإقليمي والدولي ، وإعادة بناء بلد أنهكه الاستعمار ودمر فيه كل شيء ، وعن مواقفه الصارمة في قضايا وطنية وإقليمية ، ووقوفه إلى جانب الشعوب المستضعفة ، والطبقة الفقيرة ، حتى لقب بأب الفقراء ، كل هذه النقاط طرحت برؤية ايجابية توافق تطلعات الرجل لوطن لا يزول بزوال الرجال ، كما كتبت أرملة الراحل بالمناسبة ، السيدة أنيسة بومدين تحت عنوان " بومدين كما عرفته " ، لتسرد جزء من حياتها مع بومدين الرئيس .
ومع كل هذا نسجل إغفال في تناول جانب مهم من حياته الخاصة ، المليئة بالأحداث المؤلمة أحيانا ، وهذا يفيد من لا يعرف نشأة الرجل ومن أين جاء ، وكيف أصبح رئيسا للجزائر المستقلة 13 سنة ، مهم هذا أيضا لمن يود دراسة ومعرفة عظماء أغفل فيهم التاريخ بشكل أو بأخر ، فالزعيم ابن فلاح بسيط من عائلة ريفية جد متواضعة ماديا ، تتواجد على بعد بضعة كيلومترات غرب مدينة قالمة ، بالشرق الجزائري .
دخل الكتّاب " المدرسة القرآنية " في القرية التي ولد فيها ، وكان عمره آنذاك 4 سنوات ، وعندما بلغ سن السادسة دخل المدرسة الفرنسية وفي نفس الوقت يلازم الكتّاب.ختم القرآن الكريم وأصبح يدرّس أبناء قريته القرآن الكريم واللغة العربية وتوجه إلى المدرسة الكتانية في مدينة قسنطينة ، معقل جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ، في حين رفض هواري بومدين خدمة العلم الفرنسي ، لما كانت السلطات الفرنسية تعتبر الجزائريين فرنسيين ، ولذلك كانت تفرض عليهم الالتحاق بالثكنات الفرنسية لدى بلوغهم السن الثامنة عشر .
فرّ إلى تونس سنة 1949 والتحق في تلك الحقبة بجامع الزيتونة الذي كان يقصده العديد من الطلبة الجزائريين ، ومن تونس انتقل إلى القاهرة سنة 1950 حيث التحق بالأزهر الشريف قطع ألاف الكيلومترات مشيا على الأقدام ، حيث درس وتفوق ، ومع اندلاع الثورة الجزائرية في 01 نوفمبر 1954 انضم إلى جيش التحرير الوطني في المنطقة الغربية وتطورت حياته العسكرية ، إلى أصبح قائدا للأركان ثم رئيسا للجزائر ، التي حكمها 13 سنة ، من 19 جوان 1965م إلى 27 ديسمبر 1978م .
مكتب الجزائر – ابو طارق الجزائري