.jpg)
انتصار سليمان
……..زنزانة الأغلاط …..
غلطٌ
ألا يقالَ عن الخرقِ أنّها خرق
غلطٌ …غلط
أن ألامسَ خرقةً شربت الدماء
وتموهت بالبياض
غلط
أن أنزعَ شوكَ الأرقِ من قلبي
بأصابعي التي حزها تلويحها الليلي للشوارع المهجورة
غلط
ألا أسميَ السوادَ بأسمائه
وألا أهجو البياض
وهو لايجدُ ذاتهُ
غلط
أن تضيقَ العناوينُ عن القرى
أو عن المدن الحيّةِ / الميتة
غلط
أن نموتَ صامتين
على أسوار أسمائها المنسيّة
بعد مالايعدُّ من القوافل أو من أضاحي الجدود
غلط
أن نتركَ أيامنا مبعثرةً
أن نخبىء ذاك الذي نراه :
ولداً ينقبُ عن دفاتره المدرسيّة تحت أنقاض بيته
طفلةً تطلق عصفورَ أحزانها في البكاء
والعصفور يفتش عن الأمِّ
التي سافرت في القنابل أو في الخطب
غلط
أن نعِدَّ لكلِّ خيانة ألفَ وسامِ
وألفَ تاجِ غار
غلط
بلاغتنا في مديح الهزائم
وتغليف إكذوبةِ الحبِّ بالأناشيد
غلطٌ ….غلط
غلطٌ ألا نصرخ في وجوه الثعالب
وهي تغرز أظفار مكرها
في أعمارنا المهدورة
غلطٌ كلُّ هذا الرضى
غلطٌ
أن تحصرنا الأرقامُ كخراف القطيع
******
وها أنا ….أقفُ على قارعة احتجاجي
وأصرخ
فيفاجئني صوتي بخيانة اختبائه
أما قلبي
فيفاجئني بحلم انطلاقةِ الأصائل
وعندها أرى
داليةً تعرشُ بأوراقها النديّة على كلّ باب
أرى عصافير بريشها الملون
تبني أعشاشها في يدي
أرى يديَ
ترسمُ غزلاناً على الورق
أرى الورقَ
يفتحُ سماءَهُ لتشرقَ البلاد
أرى البلادَ
تولدُ في قصيدةِ حب
أرى الحبَّ
يفرشُ البلادً بمروجِ ربيعيّة
ثم يقسم قلبي إلى نحلتين
واحدةٍ تجني عسلَ النبوءة
وأخرى تقرعُ جرسَ إنذارٍ هامس
وحين يكتملُ انسكابُ الكلام على البياض
الذي لم يعرف خرقَ الاستسلام
يشرقُ كوكبُ اليقين هناك
فتخرج القوافل الجديدة
بكنوزها من أغلاط الدروب
وحين تفاجئني الصحوةُ
قدامَ خيبتي بالعواصمِ المهزومة
أطعنُ كلَّ هذا الهواء الملوث
بأصابعي المدماة
لعلَ مطراً أخرَ
يتنزَّلُ
ويوقظ ثانيةً
روحَ هذا التراب …!














