خضر مجر
كلما ترجل اليأس عن صهوة الأيام
وجال في أمداء القصيدة عنواناً وخاتمةً
فرّت فراخ الأمل إلى خم وجداني
أطعمها التمني والترجي وقمح النسيان
وأقول اكبري يا زغاليل
إنني من عشبٍ وغداً يأكلني اليباس
وتقضمني حملان الخوف.. قبل الذبح
لبهجة العيد الذي جافاني.
أنا في بلاد يموت فيها الميت مرتين
مرة بتهمة الحياة وصبراً عليها
وأخرى ترف بحزن الفقدان
أنا في بلاد تتقلد النشيج عقد غوايةٍ
وتضفر من نحيب الأمهات الأغاني
ثم تسير في جنازة القتيل بوقاحة الجاني.
من كُوّر بطن أمي يحملني على الأسى
صوت أبي وزفير لهاثه خلف لقمة
يطعمنا إياها مالحة بكد الجهد
حلوة بعينيه المليئتين بالأماني.
وحين بلغت من السنين عشرٍ
وحفظت من الفقر جميع المعاني
عوز وحاجة قفير متقع
حملت القلم ورسمت دمع أمي
على ورق أصفر أسقطته الريح لأفناني.
عزفت تجاعيد أبي إذ مرت به الليالي
كالح الوجه مشوباً بين يأس وامتنان
وصار الناي عندي بمنزلة الإله أدعيه
فيهمر دمعي في سجودي ليصحو أبي
من غفوة الظهر مشعلاً بالآه أغصاني
لم يعد لي في الأرض جذور أنهض منها
ولا أوراق تستر عورة قصيدتي أمام إنسان.
في المدينة التي ضمت زوارق لهفتي، نهضت شاباً بعد جرعة من حياة، وهبتني إياها إناث مرت بأحلامي، وقلن لروحي هيا اتبعي عطر الوجود فاشتد ساعدي على الكتابة مزج بين حروف صيرتني غابة تضم في أفيائها جرار النبيذ أترع منها في شتاءاتي الطويلة ووحدتي المعلقة في إزار الليالي، قد صرت خنجراً غمده أمل يقسم تفاحة الجنان، وينتزع عشبة أنكيدو من صدر أصدقائه أطعمها لحصان اليأس كلما ترجل عنه مخذولاً بهزيمتي أنا الذي شحذت نصال أسناني على حجر الصبر وارتدتُ على صدر أمي طفلاً أدرداً ألص عطرها كفناً لأشجاني.
#خضر_مجر
#جاورجيوس