د . م . عبد الله أحمد
قالها بثقة …الفقراء لايمكن ان يكونوا مبدعين او منتجين ..او حتى أصحاب موهبة …كنت استمع اليه "الكاتب عصام تكروري تحاوره الاعلامية هيام على راديو شام أف أم" في الوقت الذي كنت أنظر الى وجوه الفقراء ..من المارة ..وفي تلك اللحظة …سألت نفسي …كيف ذلك…هل ذلك صحيح أما أن من لم يعرف الحزن لا يستطيع الكتابة عنه ،ومن لم يعيش الفقر والبؤس والظلم لن يعرف كيف يولد الحزن …
ولكن ما هو الفقر ….الفقر بالمعنى المادي هو شيء طارئ وشاذ لانه على الاغلب ناتج عن ظلم وعن قهر في ظل غياب العدالة وتكافؤ الفرص…الا أن تمرد الفقراء وابداعهم هو ما أنتج كل الملاحم الادبية والفلسفية التي كان لها الدور الاكبر في إغناء التراث البشري وفي الدفع باتجاه التغير …لاننسى دوستوفسكي …وفيكتور هيغو و جان جاك روسو والجاحظ و برنارتشو ..وحتى آنشتاين الذي أبدع علما وفلسفا …
أما الفقر بمعناه العقلي والنفسي المرضي …فهو الفقر الحقيقي …
وفي المفهوم الفلسفي واللاهوتي …نحن فقراء الى الخالق …الى الله …فقراء لان وجودنا ليس قائم بحد ذاته وبكينونة ذاتية مستقلة …وانما هو تجلى للفيض الالهي …
فالفقر بالمفهوم المادي هو آفة ..لكنها قد تكون محرك للابداع في إطار التمرد على الواقع من أجل تغيره ، والفقر في المفهوم المطلق هو قدر لا مفر منه ..وهو مسلم به بمحبة …وهو دافع لابداع من نوع آخر في إطار التمرد على الثنائية المقيدة بسلاح المحبة …
كما أن الفقراء هم عماد الدفاع عن الوطن …إنها ثنائية الطيبة والتضحية والعطاء ، والمبدعين "من البيئة الفقيرة " هم الطريق والترياق للتمرد على الفقر والظلم في كل مكان في هذا العالم …
أما الفرح …فليس له معنى لو لم يكن الحزن موجودا …والفرح المطلق لا يمكن أن يحدث في ظل الواقع المتخم بالثنائيات ..فللفرح المطلق عالم مختلف جدا عما نحن فيه …والحزن لا يعني الفقر بمعناه التقليدي وإنما الفقر الى حالة محدثة …وحنين الى واقع مختلف …
وجوهر الكلام والابداع هو أن نقضي على الفقر والظلم …والبؤس …عندها لن يكون هناك حاجة ل"أغنية الماعز" أو كما يقال للتراجيديا…