د . م . عبد الله أحمد
كنت فرحا أطير وأحلم …لكنه القدر فهبطت من تلك التلة …لم أفهم في البداية لماذا كل هذا التثاقل فالطرق وعرة والخيارات صعبة والدهر مرور واختبار ،ومازلت أحن الى تلك التلة …ولكنني أخشى الصعود .. فلا املك ما يكفي من الزاد.
وقلت …
تعلمنا كل شيء ممكن …الاعداد وقوانينها والارقام ومعانيها ..والاحرف وتسلسها والاشياء وصفاتها وفي الجبر واللغة وفي علم المنطق والحاسوب …لكننا لم نتعلم كيف نصعد الى تلك التلة .
المدراس تعلمنا كيف نعشق الحزن ، ومن يعشق الحزن لا يقوى على الفرح فهل من أبواب أخرى ؟
في الجوار كان الهيكل والحانة لم تكن بعيدة …وفي الجوار ايضا ابواب أخرى ترسم خارطة لحدود الغابة …
دخلت الهيكل وانبهرت بالنقوش والحكم والمعاني واقتربت أكثر الا ان الحارس اوقفني طالبا أن اعطيه قلبي أولا ..فهربت .
دخلت الحانة ..فلم أرى الا مقعدا خشبي ورفوف وماء محلى ، النادل يجيب دون أن يسمع فالضجيج خادع وماكر … طلبت رشفة …فطلب مني حذائي …فهربت وسقطت خلف الباب دون أن اقوى على النهوض …غفوت ..وحلمت بالتلة وفرحت بالحلم ، الى ان ايقظني المطر ..
نظرت حولي، كم هو جميل هذا المكان …أين أنا؟.وفجأة سمعت صوت ينادي أعطني ما لديك تنال رشفة ماء …فقلت إن اخذت كل شيء فلن أكون بحاجة الى رشفة ….لا سأنتظر المطر ..فقال عليك أن تنتظر طويلا …فالقحط والجفاف حل بالمكان …وصلوت الهيكل وضجيج الحانة لم يجعلا السماء تمطر …قلت كيف فقد ايقظني المطر ؟ فلم يجيب …
سألت نفسي …كيف لي أن اعبر …ففي الحلم رأيت الجدول …بل كنت الجدول عندما هبطت ،.فكيف أعيش بلا حلم؟ ورأيت تلك الشجرة الخضراء ايضا …كيف لها أن تكون خضراء في زمن القحط وغياب المطر؟ هل كانت جذورها تحلم …أو أن جذورها وجدت الجدول خلسة…هل سرقت الماء أم حفرت وجنت …ولماذا تلك الشجرة يابسة كئيبة …هل سلمت كل ما لديها ولم تعد جذورها تقوى على الغوص في العمق …
كيف تشرب تلك الذئاب …وتملىء المكان بالضجيج …وهل بالدم ماء ؟ وماذا حل بهذا النسر الملقى دون مخالب ..هل وقع من التلة …أما سقط وهو يحاول الصعود اليها …أما أنه الماء المفقود ..
لا ..أنا لا احب الدم …ولا أحب ضجيج الحانة ولاسكون الهيكل .
حل الليل .والبرد..والجوع …ولم يبقى لدي الا ارغفة قليلة ..وأحسست بالخوف ،فركضت لا اعرف من أين والى أين ..فالرياح قوية والعتمة تغلف الطرقات … سقطت لكنني لم أحس بالارتطام ولا بالسقوط ..فلقد امسكت الشجرة الخضراء يدي بغصنها …الى أن حل الفجر ..
سمعت تراتيل والحان …بينما كانت قطرات الندى تغزو فمي ..واشعة الشمس تغري قلبي ..وصوت ينادي ..أترك الاحزان وامضي …فلا فرق ما بين الحانة والهكيل والمدرسة والغابة ..ما دمت لم تفكر بقلبك وتعشق بعقلك …
في هيكل قلبك صلى …واغلق باب الاحزان …فالتلة عشق …والماء خبز الفقراء ..والارغفة زاد وماء فلا تفصلها عن قلبك ابدا …والتلة لك عندما تكون لنفسك ….