أدونيس حسن
في نظرية الذرات الزمنية للمتصوف والشاعر والفيلسوف "حسن المكزون السنجاري" يثبت فيها بأسلوب منطقي محكم,, حالات الخلق المستمر للوجود بفقدان ذاتيه المخلوق في كل انتقال من ذرة زمنية إلى أخرى,, ويربط الحركة بحاجتها للقدرة حتى يصل إلى تأكيد حضور القادر الخالق على مدار الحركة والانتقال…
ثم يأتي "عادل الضاهر" بعد سبعمائة عام بدراسته لشعر "أدونيس" ليتحدث عن ما يشبه نظرية الذرات الزمنية بنظرية أخرى هي "نظرية التذوت" ,, التي تتلخص في الانتقال من ذات إلى ذات داخل الفرد الأنساني بغية تحقيق الوعي الذي لا يمكن تحقيقه إلا بالتوقف عن الانتقال إي "بالموت" وحصول "وعي الوعي" ,, على اعتبار أن النقص هو القاعدة الأصل للحركة
وكذلك انفعل المتصوف "أبي يزيد الطبستاني" , فالتقى بفيزياء "ألبرت أنشتاين" بعد ألف عام من انفعاله وكشفه ,,حيث يقول : || الدنيا حكمة واحدة ,وكل واحد أصاب على قدر ما كشف له,, ويتحدث ألبرت أنشتاين المتوفي عام 1955عن فرضية وجود المعادلة الواحدة أو النظرية الأم التي يجب أن تكون لها صفات معينة لتكون قابلة للتعريف , أن تحوي الحل لكل النظريات السابقة واللاحقة وإجابة واضحة ومؤكدة لأي سؤال حول مكونات الكون ومتغيراته ودقائقه وتعريف واضح وصريح ولا يقبل الشك لكل الأحداث الكونية وبنفس الوقت أن يكون لهذه التعريفات القدرة على التغيير والتماشي مع كل مستجدات الكون والعلوم والقدرة على تحديد المكونات الرئيسية في الكون وطريقة تصرفها ووضع كل هذا في معادلة رياضية واحدة تكون مصدر كل المعادلات الأخرى….
ووأيضا الأمر يتكرر بين "محي الدين ابن عربي" و"داروين" حيث اللقاء بينهما بنظرية أصل الأنواع بشكل أدق حين يقول ابن عربي فأول تكوين في الأرض المعادن ثم النبات ثم الحيوان ثم الأنسان , وجعل آخر كل صنف من هذه المكونات أولا للذي يليها . فكان آخر المعادن وأوال النبات الكمأة وآخر النبات أول الحيوان النحلة وآخر الحيوان وأول الإنسان القرد .
ففي الأمثلة السابقة نلاحظ وبوضوح علاقة العرفان غير المتخصص بعلم محدد بمواضيع المعرفة المتخصصة بعلم محدد .. ومن المعروف أن مصدر العرفان هو أشراق على قلب العارف من عالم الغيب ,,بينما العلم هو حاصل وناتج التجارب النظرية أو المادية من عالم الواقع المحدد ,, وبالتالي يأتي المصطلح العلمي أو العقلي صورة محددة وواضحة للمعرفة العلمية لسهولة تداول تخصص علمي ما ..
هذا الفارق بين الانفعال الكشفي العرفاني وبين الحقائق العلمية ,, يضعنا أمام مجموعة من النتائج.. منها..
السبق الزمني للعرفان على العلم ,, تفوق المعرفة الشعورية على المعرفة العقلية ,, السبق الزمني للشعر على النقد ,, عدم قدرة النقد على الإحاطة بلحظة الومضة الشعرية لاختلاف بيئة اللحظة الشعرية عن بيئة العقل النقدي اللاحق دائما,, فشل أية معايير من الممكن أن يكتشفها الناقد في زمن ما بقياس نص كتب في زمن آخر ,,
ومن هنا نرى طائر الشعر الذي كلما امتدت يد لتمسك به حلق من جديد إلى فضاءات أبعد وأكثر سعة وأعمق ارتفاعا ,, حتى يبدو مثل خط الأفق مهما سرنا نحوه تبقى المسافة ثابتة بيننا وبينه .. ولا سيرورة دون طريق سابق لكينونتها ,,كما لا غاية تنتهي إليها ,,فخط الأفق يقع بين فراغ المحدود و امتلاء الزوال ..
٩ يوليو ٢٠١٥