الدكتور محمد رقية
تعتبر سورية الدولة الوحيدة في العالم التى يسمى عيد استقلالها بعيد الجلاء وذلك لأنها لم تبق للمحتل الأجنبي أي تواجد على أراضيها كما فعلت العديد من الدول التي استقلت بعد الحرب العالمية الثانية .وجلا آخر جندي فرنسي مستعمر عن أراضيها في السابع عشر من نيسان عام 1946 .
يشكل يوم الجلاء قمة الهرم النضالي الذي خاضه شعبنا السوري ضد المستعمر الفرنسي على مدى أكثر من ربع قرن من الزمن , منذ معركة ميسلون عام 1920 بقيادة الشهيد يوسف العظمة مرورا” بثورات المناضلين الأشداء سلطان باشا الأطرش , قائد الثورة السورية الكبرى , والشيخ صالح العلي , وابراهيم هنانو , وحسن الخراط , وأحمد مريود وغيرهم كثيرون , الذين قضوا بثوراتهم على طرح المستعمر الفرنسي تقسيم سورية الى خمس دويلات طائفية . فوحدوا سورية بدمائهم وتضحياتهم ونضالاتهم وانتصروا عليه وعلى أفكاره الشيطانية .
وأخذت سورية قرارها السيادي المستقل منذ يوم الجلاء الأول , وناهضت كل أشكال القوى الاستعمارية وعلى رأسها الاستعمار الاستيطاني الصهيوني , الذي اغتصب أرض فلسطين السليبة عام 1948 . وساعدت وأيدت كل قوى التحرر في العالم وكانت عضوا” فعالا” في منظمة دول عدم الانحياز . وازداد هذا القرار صلابة وشدة واتخذ أبعادا” واسعة بعد ثورة الثامن من آذار عام 1963 والحركة التصحيحية بقيادة الرئيس الخالد حافظ الأسد عام 1970 . لذلك استمرت القوى الإستعمارية وعلى رأسها الحركة الصهيونية العالمية وقاعدتها المتقدمة في اسرائيل بمحاولة السيطرة على هذا القرارالسيادي منذ عدوان 1967 لتعيش منطقتنا عصرا” جديدا” من الذل والخنوع والعبودية . وحركوا أخيرا” ظاهرة الربيع الصهيوني منذ عام 2011 لتحقيق هذا الهدف وتدمير بلدنا . إلا أن شعبنا الأبي وجيشنا العقائدي وحكمة القائد أثبت مرة أخرى أن هذا الشعب الصامد لايقهر , ومتحد لاتنفصم عراه وصابر لايكل ولايمل .وأفشل هذه الخطة الجهنمية والحرب الكونية بتضحياته وصموده ودعم الأصدقاء الأوفياء
ومثلما كانت إرادة أبناء الجلاء قبل 73عاما الأقوى في معارك الشرف لنيل الاستقلال ها هي اليوم تضحيات رجال الجيش العربي السوري وشرفاء الوطن يواصلون معركتهم ضد الإرهاب والقوى الاستعمارية والرجعية الداعمة له , مؤكدين أن سورية عصية على الأعداء وعلى كل مشاريع التقسيم والتفتيت وأنها قادرة على الصمود والانتصار وعلى إفشال مخططات الدول الغربية الاستعمارية وعصابات بني صهيون لتمضي سورية نحو نصر مؤزر على المستعمرين الجدد وأدواتهم الإرهابية وتحقيق الجلاء الأكبر بدحر آخر إرهابي من أرض الوطن. ليتجدد عيد الجلاء بتكريس الاستقلال والقرار السيادي وتحرير الأرض المغتصبة .
ولعل ما يزيد ذكرى الجلاء بريقا وألقا”اليوم الانتصارات المتلاحقة التي يحققها الجيش العربي السوري وقواه الرديفة على الإرهاب في كل مناطق سوريا ليسطروا إنجازا استراتيجيا جديدا مما أفقد رعاة الارهاب في أمريكا وبريطانيا وفرنسا وكيانهم المدلل وأزلامهم العربان صوابهم فقاموا بالإعتداء الثلاثي المباشر على سورية ( في 14 نيسان من عام ٢٠١٨ ) ولكن كما انتصر أبطال الاستقلال على الاحتلال وطردوه من أرضهم استطاع الأحفاد رجال الجيش العربي السوري وقواه الرديفة التصدي لهذا العدوان الجبان وهزيمته مجددا.
سيبقى يوم الجلاء يوما” خالدا” في تاريخنا الحديث وشاهدا” حيا”على تضحيات شعبنا الوفي وتأكيدا” جديدا” على أن التضحيات والصمود وإرادة الإنتصار تحقق المعجزات .
تحية إلى شعبنا في عيده الوطني وإلى تضحياته وشهدائه الأبرار وكل جلاء والوطن بخير