.يقال الصراع عربي ــــ اسرائيلي، والحقيـقة صـراع مع الملوك واسرائيل
.التضامن العربي وإذا بنا نطالب بالتضامن بين المعادين لأمريكا واسرائيل
المحامي محمد محسن
هل كنا بحاجة إلى ستين عاماً ونيف لنكتشف طبيعة الصراع، وأبعاده، وتخوم المتصارعين ؟ ومن هم في ( خندق الأعداء، ) ومن هم في الخندق الآخر، ؟ ( خندق الأصدقاء )، وهل كنا بحاجة لملايين الشهداء حتى نصل إلى هذه القناعة ؟ إذن كم كان الغبش كثيفاً ، والرؤية قصيرة المدى، ولكن وللتاريخ والحقيقة : البعض كان قد عرف، وأدرك، ونبه، ولكن كان التداخل بين الذاتي والموضوعي بعد السبعينات من القرن الماضي، قد استدعى الخلط بين الخنادق، لكن وكما يقول القول : [ أن تعرف متأخراً خير من أن لا تعرف أبداً، ] .
.
[ وللتاريخ والموضوعية يجب أن نسجل ( لترامب ) فضيلة السبق، لأنه هو أول من حدد تخوم الصراع في المنطقة، من خلال فضحه بالعلن لحوافي الحدود بمنتهى الدقة، عندما قال : [ لولا السعودية ـــ ويقصد الملوك، والأمراء، والأجراء، والعملاء العرب ـــ لغادرت اسرائيل، ] وأردف قائلاً ومؤكداً : [ ولولا أمريكا لسقطت السعودية خلال أسبوعين ـــ طبعاً ويقصد من بقربها من الامارات ـــ ] ، بذلك يكون قد فضح ما كان مستوراً عند البعض، ( السعودية حامية اسرائيل، واسرائيل تسهم بحماية السعودية، ) وذلك بشكل تبادلي أي كل منهما يسهم بحماية الآخر، وتقوم أمريكا بحماية الاثنتين، من خلال حلف عدواني شيطاني .
.
وكنا قد أكدنا دائماً أن من أمر بصناعة ” اسرائيل ” وتأسيس دولتها، ورعاها ، وحماها، ووقف إلى جانبها في جميع حروبها، هي ذات الجهة التي نصبت الملوك ، والأمراء، على أرض الحجاز ونجد وما بينهما أرض ( جزيرة العرب )، ولو نظرنا إلى هذين التكوينين، نرى أنهما ينهضان بنفس المهمة من تاريخ التأسيس حتى الآن، ويحققان نفس الغاية خدمة للصانع الأوروبي، والحامي الأمريكي، الذي أوجدهما لخدمته، ولقد حدد الصانع والحامي مهمات كل منهما بمنتهى الدقة، بمقابل أجور مجزية لهما ( هي ضمان وجودهما، )، أما المهمات التي نهضوا بها بكل نجاح حتى الأن، هنا يمكن أن نحدد الأعداء وأدوارهم .
………………….اســـــــــــــــــــــــــــرائيل
( اسرائيل ) احتلت أرضنا، وشردت شعبنا، وسرقت استقرار المنطقة، وقتلت شبابها، واستهلكت ثرواتها، واغتالت جميع الارهاصات التي تبشر بالتقدم، حتى وصل الحال بنا إلى ما نحن عليه الآن، شعوب متصارعة متقاتلة، لأسباب توضع في طريقهم كأشراك، تسقطهم في حبائلها، تدفعهم للاقتتال، الخسارة للكل ولا رابح، بل الكل يتهم الكل بأنه المسبب .
.
………………..المـــــــــــــــــــلوك والأمــــــــــــــراء
( الملوك والأمراء ) كل من يعتقد أنهم برتبة ملوك يحكمون، ويأمرون، هو واهم بكل تأكيد، هم وبدون مبالغة ـــ كخيال المآتا ـــ قصور ملوك، ولباس ملوك، وعيش بازخ كعيشة الملوك، وقيان وجوارٍ يلهون معها، ويشبعون غرائزهم منها، ولكن جهلاء، بسطاء، يعيشون في وهْمِ السيطرة ، وهُمُ لاحول لهم ولا قوة، يعيشون حياة خواء، وبكل موضوعية يثيرون الشفقة، من الناحية الانسانية، لأنهم من حيث النتيجة هم عبيد مأجورين يخدمون الصانع والحامي مقابل الحياة القشرية هذه، فدفعوا المال لتدمير بلداننا، كما قاموا بتحريف دين الأكثرية من شعوب المنطقة .
.
………………الجـــــــــــــــــــامعة العـــــــــــــــــربية
علينا أن نعترف أننا وقبل هذا التاريخ، كان الكثيرون يعرفون أن ما يسمى التضامن العربي هو كذبة، يحوي نقيضين لا لقاء بينهما، اللقاء شكلاني من خلال مؤسسة الجامعة، التي لا دور لها إلا عقد القمم، واصدار البيانات، ولكن في حقيقة الأمر، ليست جامعة ، وليست مفيدة، بل ضررها أكثر من نفعها، بل هي مؤسسة صنعها من صنع الملوك، ومنحها ذات الصفات والخصائص، مؤسسة صورية، بناء فخم، واجتماعات دورية، تجمع المتناقضين، دورها أيضاً : تشتيت الانتباه عن التناقض الرئيسي بين الشعوب العربية، وبين ملوكها، واسرائيل، والغرب الأوروبي الذي سلم القيادة للدولة الطاغية ، عدوة الحضارة ، وعدوة الانسانية أمريكا .
.
يتساءل العاقل : لماذا صنع الغرب لنا كل هؤلاء الأعداء، ووضعهم بين ظهرانينا، ؟؟ ولماذا يفجر كل هذه الحروب المستمرة ؟؟ حتى لا تكاد المنطقة تنتهي من حرب، إلا وتدق طبول الأخرى، ولكن بأساليب مختلفة، بعضها عسكري مع اسرائيل، وبعضها بين الدول العربية، أو بين ذات المجتمع الواحد، وما هو مردودها، ولماذا ينصرف جل اهتمام هذا القطب لتمزيق الشعوب العربية، وخلق كل يوم سبباً جديداً للإبقاء عليهم متصارعين، متخلفين، لا يشمون رائحة الاستقرار كباقي شعوب الأرض ؟؟ .
………………….. القــــــــــــــطب الغـــــــــــــــــربي
وقبل أن ننتقل لوضع اليد على الجرح، لابد من التذكير أن الغرب لم يكتفِ بتمزيق العرب إلى دويلات صغيرة، وخَلقِ صراعاتها، وتناقضاتها، وزرع أعداءها بين ضلوعها، وتزوير تاريخها، وسرق انجازاتها الحضارية، ونسب ما قدمته تلك الحضارات إلى غيرها، وأنزل من خلال العرب ” المتغربين ” أننا شعوب قاحلة لا دور لها في الحضارة الانسانية، شعوب لا تقرأ، وكاد يوهمنا أننا شعوب الجهل في جيناتها ، وأن الفكر والفلسفة، ولدت في بلاد الإغريق، ونحن كنا مقلدين ، وناقلين .
.
ولكنه لم يستطع انكار أننا من أوجد الحرف ، والكلمة، وعليه وعلينا أن نعلم أنه لولا الكلمة لما وجدت حضارة على وجه الأرض، وحتى يثبت هذا التخريف والافتراء، والسرقة، حاول قطع الصلات بين تلك الحضارات، التي تداولت على تاريخنا، وكأن كل واحدة منها قد وجد وباد، وكانت الغاية من كل هذا ان يرسخ مقولة ان العرب هم المسلمين القادمين من الربع الخالي، وأن سورية والعراق ومصر وغيرها ، كانت أرضاً يباباً لا انسان فيها .
.
………….مــــــــــاذا فعـــــــل الغـــــــــرب ومحمــــــــياته .
أوقعت الرأسمالية الغربية العالم كل العالم في فجوة، حاولت من خلالها الفصل بين : الثقافة الرفيعة، الراقية، ثقافة الحوار، والتعاطف الانساني، المنحازة إلى مساعدة الشعوب الفقيرة، وطبقات الشغيلة، والعدالة الاجتماعية، التي كانت سائدة حتى الربع الأخير من القرن الماضي .
وبين الحاضر الذي يرعى فيه القطب الغربي، الثقافة المتدنية، الضحلة ، ثقافة الاستهلاك، والفردية، وسيطرة مشاعر اليأس، والوقوع في براثن العدمية، مما أدى إلى تدهور القيم الانسانية، كل هذا الواقع بكل حيثياته، حاول الغرب فرض وصايته، والشعب الذي لا يرضخ كانت الحرب هي الأداة لتحقيق ذلك .
.
………..هــــذه الحـــرب التــي يجــب أن تكـون ( الحرب الأخيرة ) .
من خلال زج القطب الغربي كل طاقاته، وطاقات حلفائه، ومحمياته، في هذه الحرب، وعلى الميدان السوري، والذي استدعى المواجهة من قبل كل الدول المتضررة من القطبية الواحدة، نستطيع القول :
أن شعبنا العربي السوري، من خلال جيشه العظيم وحلفائه، لا يواجهون أدوات القطب الغربي العسكرية فحسب، بل يواجهون الطغمة الغربية، بكل قيمها، ومفاهيمها للحياة، وثقافتها الشكلانية، الفردانية، الضحلة، التي تقود إلى العدمية، واستسهال قتل الانسان، والعودة بالإنسانية إلى عصور الظلام .
.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من هنا علينا أن ندرك نحن، وجميع الشعوب العربية، أن الحرب ليست كما صوروها لنا، بأنها حرب بين الدول العربية المدعومة من الغرب، وبين الدولة السورية، [ بل هي حرب تحررية ، (على جميع الشعوب العربية، أن تشترك فيها، وعلينا أن نحولها إلى حرب حضارية نهائية، بين شعوبنا المتطلعة للمستقبل، للحرية، والتقدم، وترسيخ قيمنا الشرقية، ) . وبين ( الملوك والأمراء العملاء، الذين نصبهم الغرب، ليؤبدوا التخلف المعرفي، والقيمي، وابقائنا نعيش في كهوف الماضي الفقهية، وعدم التعامل مع المستقبل، ومعطياته العلمية ) .
إذن فإن انتصارنا في هذه الحرب يعني هزيمة تاريخية للقطب الغربي، وزراعه اسرائيل، وكل الأنظمة الملكية العربية، وغسل المنطقة من بقايا أسرهم النتنة، وكل مخلفاتهم الفكرية والقيمية، وتخلفهم الثقافي، والاجتماعي، عندها فقط سينفتح لنا المستقبل