رحل يوم السبت 12 نوفمبر 2022 الفنان التشكيلي السوري جمال نهار ابن الجولان ، بعد مسيرة طويلة قضاها مربياً وأستاذاً للتربية الفنية وعاملاً في حقل الفن التشكيلي على صعيد إنتاج اللوحة، وممارسة العمل النقابي من خلال فرع القنيطرة لاتحاد الفنانين التشكيليين.
ولد الفنان “جمال نهار” في قرية “كفر حارب” في الجولان عام 1958م، نزح مع عائلته إلى دمشق عام 1967 .
هو عضو نقابة الفنون الجميلة، وعضو اتحاد الفنانين التشكيليين العرب، شغل منصب رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين “فرع القنيطرة”، عمل مدرّساً لمادة الرسم في الثانويات الرسمية، ودرس الخط العربي للمعلمين والمعلمات، أعماله مقتناة من قبل وزارة الثقافة وبعض الجهات الرسمية في الدولة.
له العديد من اللوحات التي لا تخرج عن الأسلوب الحروفي وبعض الأعمال الخطية التقليدية التي تحاكي المرقعات والآثار التي تعود لبعض الخطاطين الأساتذة مثل سامي وشوقي ومصطفى حليم، إلا أن الجهد الأكبر توجّه نحو الأسلوب الحداثوي في اللوحة الخطية، وخاصة تلك الأعمال التي تتغنّى بالتراكيب وتحافظ على قاعدتها الأصيلة، مثل أعمال الفنان الإيراني جليل رسولي الذي أبدع في هذا الاتجاه وتأثر بأسلوبه العديد من الفنانين السوريين.
يقول الفنان جمال نهار عن بداياته في حوار معه في موقع ( مدونة وطن esyria ) : «بدأ انجذابي إلى فن الخط في مرحلة الدراسة الابتدائية، وفي المرحلة الإعدادية أصبحت أقلّد كتابة معظم ما يقع بين يدي من نماذج خطية، كعناوين الكتب والصحف، وكان حصولي على نسخة من كراسة “قواعد الخط العربي” للخطاط الكبير “محمد هاشم البغدادي” بداية مرحلة جديدة في علاقتي مع هذا الفن الرفيع، فعكفت على تقليد كتاباته، والتعلّم منها بحماسة وشغف كبيرين، وكنت أقارب ما أتعلّمه مع ما يقع أمام بصري من لافتات خطية في الأماكن العامة لكبار الخطاطين الدمشقيين، وفي مقدمتهم: “ممدوح الشريف”، و”بدوي الديراني”، و”حلمي حباب”، و”عبدو صلاحي”، وكنت حريصاً على حضور معارض الخط العامة منها والخاصة، وقد دفعت بي الحماسة لاحقاً إلى زيارة بعض الخطاطين المعروفين في “دمشق”، ومنهم: “محمد القاضي”، و”أحمد الباري”، و”زهير زرزور”، و”زهير منبني”، و”محمد قنوع”، و”غسان لطفي”، و”مصطفى النجار”».
وعن الأعمال التي تركت أثراً خاصاً في داخله لكونه ابن “الجولان”، يقول: «”الجولان” أرض الآباء والأجداد، حيث يعدّ بالنسبة لي البيئة التي عشت فيها طفولتي المبكرة قبل أن أهجّر منه، ويصبح جزءاً محتلاً من وطن عزيز اسمه “سورية”، لهذا يعدّ “الجولان” بالنسبة لي قضية لا تبارح الوجدان، وقد حاولت التعبير عن هذا الحضور في عدد من اللوحات الرائعة التي أعتزّ بها كثيراً، إحداها تحمل عنوان: “الجولان أرض البطولة والشهادة”، وأيضاً لوحة “الجولان داري”.
حاول الفنان جمال نهار تأليف شخصية فنية لتجربته الموزّعة بين الخط التقليدي والحروفية، وقد اقترب من التصوير في بعض الجوانب التي استثمر فيها الفراغ الأبيض وجعله ملوناً بحساسية مختلطة بين التصوير والحفر ومقاربة فن الإيبرو أحياناً أخرى، معتمداً على ما تحققه عفوية التقنية وتوزع الصباغ بين وسطين متناقضين مثل الماء والزيت، مقتفياً أثر التجارب الفنية السابقة لبعض الفنانين.
يعود الفضل للراحل جمال نهار بتعزيز حضور فن الخط العربي في وسط لا يعترفُ بهذا الفن، إلا ضمن مساحته الوظيفية كمنتج ينتمي للفنون الحرفية والتطبيقية، كما لا ينكر أحد دوره كمدرّس للفنون في عدد من مدارس المحافظة في تعزيز المواهب وتبني بعضها وتوسيع رقعة الاهتمام بهذا الفن الأصيل في مدارسنا.
شارك الفنان جمال نهار في معارض عديدة منها معرض مشترك مع الفنان والإعلامي “علي عزيز بلال” في المركز الثقافي العربي في “القنيطرة” 1981 ، ومعرض لفناني “القنيطرة” في “دمشق” 1983 ، ومعرض”ملتقى الجولان” الأول للرسم والنحت، الذي أقيم في مدينة “القنيطرة” المحررة عام 2002، وله مشاركات في المعارض التي كانت تقيمها وزارتا الداخلية والدفاع، وعلى الصعيد العربي والدولي، شارك عام 2002 في “معرض طرابلس” الدولي، إضافة إلى المشاركة في معظم المعارض التشكيلية التي تقيمها وزارة الثقافة، ومعارض اتحاد الفنانين التشكيلين، وقد حصل على عدة شهادات تقدير محلية ودولية .
جمعتني عدة لقاءات بالفنان التشكيلي والخطاط الجميل جمال نهار خلال فترة إقامتي في دمشق ، وفي أرشيفي بعض أعمال له .
إعداد : محمد عزوز
عن ( صحف ومواقع )