ألَمَّ بيْ طيـــفُها والليــلُ منسدلُ
فلا كلامٌ ولا شـــــــكوى ولا جـدلُ
كم كنتُ منتظراً يا ليـــــلُ زورَتَها
كأنّها زبدةٌ من فوقـِـــــــــها عَسَلُ
روحانِ قد دَلَفا للحُـــــــــلمِ بينهما
وجدٌ يُثرثرُ والأشــــــــــــواقُ تبْتَهِلُ
لا يحرمُ اللهُ صبّاً طيــــفَ شاغلِهِ
ففيمَ يا طيفُ لو لمْ تأتِ ينشغلُ
عهدٌ ووعدٌ وقد طالا ومــــا بَرِحا
ما بين روحين قـد آذاهُـــما عَذَلُ
كأن ذلكَ من شَـــــوقٍ يشفُّهُما
وأنّ بينهما تســــــــعى لهُ رُسُـــلُ
كتابُها العشقُ فيهِ للهـوى سِوَرٌ
آياتُهُا البوحُ والأحضــــانُ والقُبَلُ
لنا جســـومٌ تركنــــــــــــاها معذبَةً
بالوجدِ يفتُكُ فيـــــــها حَرُّهُ الجَلَلُ
قلبان قد صنـعا للعشــــقِ أغنيةً
يغنيــــــان فلا أيــــــــــــــنٌ ولا مللُ
مستبشران كـأنّ الحُـــــلمَ بيتُهُما
إذ يأويـــان إليــــــــهِ وهـو محتفِلُ
لايخشيان ســوى فجــــــــرٍ يلمُّ بهِ
فينتهي الحُلم والأســــتارُ تنسدلُ
يستيقظان كــأن لــــمْ يحلُما أبداً
وقد يضيقُ على ما فيهما الأملُ
لكنّما الروحُ حتـــــى حينَ يسجنُها
جسمٌ فقد تتســــامى ثم تشتعلُ
للهِ درُّ فــــــــــــــــؤادٍ ليـــسَ يُعجزُهُ
عما يضــجُّ بهِ نبــــــــضٌ وينفـعلُ
يرقى إلى قمم الأشــواقِ منفرداً
وليسَ يَمنــــــــــــعُهُ تـلٌّ ولا جبَــــلُ
ويقطع البحرَ مـشــيًا فوقَ لهفتِهِ
ولا يُعَـــــطّلُهُ مَــــــــــــــوْجٌ ولا بَلَلُ
تكونُ خدّامَهُ كـــــــــــلُّ الجوارحِ لا
يُعصى فيرتدُّ للعــــــذّالِ ما عَذَلوا
جَحافلٌ وجْــــــــــــــدُهُ جُنـــــدٌ بإمرتهِ
لو قال يا دمــــــــعُ لبّى ثمّ ينهملُ
الجفن يقظـــــــان لانومٌ ولا وسنٌ
وكيف يغفو إذا الأشـــــواقُ تقتتلُ
يا زائراً وظـلام الليـــــــــــــل معتكرٌ
لاتخشَ أمراً فمن تخشاهمُ غفلوا
ومن أرادوا بنـــــا شــــــــــــراً فإنهمُو
لما طلعتَ عليــهم بالســـــنا أفَلوا
وحينَ عرّسَ صمتٌ فــــي دجَنّتهمْ
وغرّدَ العشقُ فـــــي أنحائنا ذُهِلوا
مَنْ يسكنُ القلبَ لا يحتاجُ واسطةً
إن القلوبَ بهمــسِ النبضِ تتصِلُ
قد حلَّ في القلبِ لا ينوي مغادرةً
ولا شِفاءً لهُ قـــــلْ لـيْ فما العملُ