سفر الحرابيق
( موسم الكلاب القذرة )
م1 من م2
نص بصري..
( 1 )
– مستويان .. الأول للشخص في الزنزانة والثاني للكلاب وللحفل الراقص .. نرى فيه مجموعة تضع أقنعة كلاب على الوجوه من نساء ورجال .. رقص ومجون وموسيقا وأشياء أخرى ..)
– في المستوي الأول : ثمة سرير ومغسلة ،و حنفية ماء تنقط باستمرار، ومصباح كهربائي يتدلى من السقف على منتصف الطاولة
– ثمة مرحاض مكشوف .
– ندقق في المكان نلحظ كتلة ملفوفة بالسواد متقوقعة على نفسها .. مضطربة فوق السرير ـ ندقق بعمق مستمر فتظهر ملامح كتلة ضعيفة هشة لهيكل عظميٍّ مكسو بجلد آدمي مستور ، و مغلف بقطعة قماشية سوداء وإشارة استفهام ( ؟ ) بالأبيض موسومة على الصدر.
– (( الشخص : من خلال ” المكياج ” تبدو ملامحهُ مكويةً .. عضلاتُ وجههِ متصلبة.. يمشطُ بنظراتهِ زنزانته بحذر وترقب شديدين ..))
الشخص : (( ينزل عن السرير ، ويجلس على الكرسي ، و يتناول كوز الماء ،و يشرب الماء على ثلاث دفعات ويحمد الله ويشكره ))
الحمد لله .. ربنا لا تحرمنا من نعمك .. قالوا : شرب الماء على ثلات دفعات سنّة مستحبة من سنن رسول الله نبي الاسلام وهي كثيرة ..
(( ينهض ويتجول في المكان ويتأمله ثم يتكلم مع نفسه ))..
في مثلِ عمري يكونُ الإنسانُ قد أمضى وقتاً طويلاً في التفكير..قد تخونكَ الذاكرةُ في استرجاعِ أمرٍ ما ؟. لكن أَن تنسى أموراً مهمة محفورة في الذاكرة فهذا مستحيلٌ، إلاّ إذا أصابكَ مكروهٌ أو أُجبِرْتَ على النسيان عمداً. لكنها قد تُسعفك ،وأنتَ وحيدٌ مع ذاتك في مساحة ضيقة من عقلك ، أو في خلوةٍ حذرةٍ !.. رغم ذلك يداخِلكَ الشكَّ في أن تسمعَك الجدرانُ المحيطةُ بك ، والكاتمةُ على أنفاسكَ.. يقولون : الجدرانُ لها آذان..
(( يعود إلى السرير ..يتمدد ثم يغب من سيكارته نفساً عميقاً يعقبهُ شريطٌ من دخانٍ، يمرُ أمامَ عينيهِ، يرسمُ خيوطاً متداخلة.. أفكارٌ تتواردُ بازدحامٍ وانخراط ))
– فلاش / قطع –
( الشخص يتحرك باتجاه حنفية الماء يفتحها ،ويجمع نقاط الماء بكفيه.. ) ..
الشخص : (يمسح وجهه ثم يبصق ) .. تـفو على أصلكم ! كلاب قذرة !. آهِ يا حثالةَ هذا الزمن المغلوط ..لا فرق هنا .. بين زمن أو قرن .. يلعن قرون آبائكم !. كل الأشياء هي مغلوطة .. متشابهة .. لا حياة فيها ..موبوءةٌ بالسفلسِ والإيدزِ ، والكورونا ،والأمراضِ المستوطنةِ زمن العهرِ والقهر والاستبدادِ ، والخيبات ،والخطابات الخشبية ،والشعاراتِ المطّاطية الملوّنة والفساد .
( انتقال – فلاش )
– ينتقل من المستوى الثاني الكـلب ( 1 ) إلى المستوي الأول .. يكلم الشخص ..
الكـلب ( 1 ) : ياهـووو .. حيوان !. حشرة !. اسمع يا قنفذ :
أنت قبلتَ المسخَ وأعلنتَ الخضوعَ .. تخورُ .. تزحفُ ..
تصرخُ.. لا فرق عندنا .. بغل أنتْ .. جحشٌ أنت !. صرصار !. مفهوم !. واحد عكروت انت ..مفهوم !.
الشخص : أنا كل هذا ؟.. نعم .. مفهوم !
( انتقال فلاش )
– ينتقل الكـلب (2 ) إلى المستوي الأول .. يتكلم مع الشخص
– بينما الكـلب ( 1 ) .. يجلس على طرف السرير…
الكـلب (2 ) : سررت برؤيتك ..
الشخص: ( يشعل الشمعة ) أهلاً .. ( يطفئ الشمعة بنفخة قوية كمن يكلم نغسه ) .. ما حدثَ هو أنَّ أحداً لا يريد أن يصدقَ هذا ! قالوا عنه ، وعلى ذمة الحكومة إن زوجتهُ التي كانت عاقراً، و التي عجزَ الطبُ في المدنِ والدولِ ، و منظمات الصحة العالمية .. حتى تدخلت الأمم المتحدة لأجلها متوسلة شفائها ،وعجزت عن جعلها حبلى !! .. نعم !. صدّقوا اولا .. هي حُبلى الان .. ومن صلبه .. بل وأحسن من ذلك .. هي فرس جموح تتمتع بلياقة عالية ،وبقدرتها على الركوب !!.
(( يسكت تم يمشي يبحث عن منشفة .. يجدها وينشّف ))
الكـلب (2 ) : ( مدهوشاً ) ..
على الركوب !. تركب ماذا يا ابن الحرام ؟.
الشخص : ( يتلعثم ويده على رقبته ) ..أقصد تجيد ركوب الخيل !
الكلب ( 2) : معقول !. على من تضحك ؟
الشخص : ( باعتداد مهزوز ) عفواً !..
الكلب ( 2 ) : قلت تركب ماذا ؟
الشخص : على علمي المتواضع .. أنّ كل نساء المسؤولين في هذا البلد يَركَبْن
الكلب (2 ) : ابن الحرام !. أعرف انهن يركبْن.. وبعدين معاك!
الشخص : ( بسخرية ) ولا قبلين !. أتحداك إذا كنت تعرف ماذا يركبْن ؟
الكلب (2 ) : الحمار يعرف !. بدّك أنا ما أعرف ؟!
الشخص : أتحداك لو عرفت
الكلب (2) : ( يضربه على رقبته ) ما خصّك أنت ؟ يركبوا الذي يركبوه !. راكبين على ظهري أبيك ؟.
الشخص : ( باعتداد وانفعال مهزوز ) ومن هذا الذي يجرؤ ركوب أبي ؟.
الحمد لله مات وارتاح ،وما حدا استطاع ركوبه .. فحل بن فحل !
الكلب(2) : وهل أبوك حصان حتى يركبوه ؟!
الشخص : ( متابعا باعتداد ) وأصيل !.
الكلب (2) : يا عمّي دعنا من أصالة أبيك وحكاية الركوب ،و خلّينا في قصة زوجة صاحبناالمرحوم .
الشخص : ولو يا أخ !. لازم نعرف أولاً.. ماذا يركبن نساء المسؤولين حتى نعرف ماذا كانت تركب زوجة صاحبكم ..المسؤول المرحوم ؟
الكلب (2 ) : حيوان اسمع : من أنت لتتحدث عن زوجة صاحبنا المرحوم؟ المواطنة المخلصة الشريفة ،وعن زوجها المواطن المخلص الشريف والطيِّبَ ؟. الله يرحمه ويحسن مثواه ويسكنه فسيح جنانه
الشخص : آميــن !. الله يرحمه ويرحم أمواتك وتراب أجدادك !.
لكن هي التي تحدثت وليس أنا ..
الكـلب (2 ) : هي !. من تكون هي ؟
الشخص : ( بسخرية )..الحكومة وليس أنا ..على كل حال الحكومة ابنة حلال .. لقد تخلّصت منه ، وأراحت الناس من شروره ..
الكـلب (2 ) : لا . لا . بل انتحر.. الحكومة لا تفعل مثلل هذه الأفعال
الشخص : معقول ؟ .. الرجل كان يصول ويجول !
الكـلب (2 ) : دعه في قبره يستريح .. الرجل مات وشبع موتا
الشخص : قلت إنه انتحر !. سبحان الله !
الكـلب (2 ) : ( باستحياء ) هي التي قالت
الشخص : ( من موضع قوة ) هي !. من تكون هي ؟
الكـلب (2 ) : تقصد التي قالت ؟
الشخص : نعم !. نعم!.
الكـلب (2 ) : انتحر وخلاص
الشخص : لم أفهم ؟ هل هو انتحر أم نُحِرْ !. أم ماذا ؟
الكـلب (2 ) : انتحر !.( بانفعال ) نعم !. نعم يا شخص !. هي قالت بعظمة لسانها..
الشخص : تقصد الحكومة ؟!.
الكلب (2 ) : قز قرت !. ابن الحرام .. لازم توّرطني
الشخص : ( يتحسّر ) ايه .. دنيا ملعونة !. يا الله كلنا على هذه الطريق البركة في الذين خلَّفهم ، وتركهم خلفه ليتابعوا الدرب الذي
رسمه لهم من بعده ..لا إله إلا الله ..يمهل ولا يهمل ..
الكـلب (2 ) : ( يصفعه على وجهه ) حيوان .. تابع كلامك عن زوجة صاحبنا ولكن بأدب !
الشخص : ( يأخذ وضعية الاتزان وبصوت مرتفع نسبيا ) وتزعم هي أن
الكـلب (2 ) : ( مقاطعا بانفعال ) وتزعم هي ؟ ابن الحرام رجعنا.!
من التي هي تزعم ؟
الشخص : أقصد الحكومة هي التي تزعم! ..
الكـلب (2 ) : هنا ينبغي أن تقول : وتضيف الحكومة بكل احترام يا حيوان .. بدلاً من كلمة ، و تزعم هي أنّ…
الشخص : ( بعفوية وارتباك ) وتضيف الحكومة بكل احترام يا حيوان..
الكـلب (2 ) : ( مقاطعا يصفعه ) أنا !.. أنا حيوان يا سافل !. يا منحط !
الشخص : ( بارتباك ) آخْ !. عفوا يا أخ ! ( متابعا ) أقصد !.وتضيف الحكومة بكل احترام …
الكـلب (2 ) : ( مقاطعا في لباقة واعتداد ) لاحظ الكلام هنا أدق وأجمل ، وأكثر رونقا ، وأكثر شفافية وأحسن جرسا.. يا سافل .. يا منحط ..
الشخص : ( متابعا ) وتضيف الحكومة بكل احترام أن زوجة المواطن الذي غادرنا منتحرا قد أنجبت بكل فخر واعتزاز عشرين ممسوخاً، وتؤكد التقاريرُ الصحيةُ أنهم جميعاً في حالةٍ جيدةٍ على الرغمَ من التلوث وغيابِ الأكسجين.
الكـلب (2 ) : ( بفخر واسترسال ) صدّقت !.
الشخص : ما شاء الله ؟!. امرأة فارسة ..عرفت كيف تجمح وتركب وتنجب
الكلب (2) : ( وقد نسي نغسه ) تصوّريا عزيزي !. الشباب كبروا ما شاء الله ..كبروا !
الشخص : ( بأعجاب مصطنع ) بهذه السرعة ! لا إله إلا الله.. إذا قال للشيء كن فيكون.. سبحانك ربي
الكـلب (2 ) : ( بفخر يتابع ) و جميعهم الآن في دوائرِ المسخِ يعملونْ.
الشخص : سمعت مثل هذا الكلام !. منهم ثلاثةُ مهربين ، وخمسةُ قوادين .. وخمسةُ انخرطوا في سلك اللصوصية سائلينَ الله البركة
الكـلب (2 ) : (( بإعجاب زائد ,, يتابع اكمال العد الذي بدأه الشخص )) ..
لسّه يا عمّي .. لسّه ! ما شاء الله .. ما شاء الله وكان .. واحدة رقاصة، والثانيةٌ طباَّلة ..والثالثة .. ( يتذكر ) والثالثة يا ربي !.
الشخص : ( مقاطعا ومتابعا بسخرية ) والثالثة يا أخ !. ركّز وحاول أن تفتكر..
الكـلب (2 ) : الكلمة على رأس لساني !. الثالثة !..آه الثالثة ! اعرف أنها كانت تظهر في المناسباتِ والأعيادِ ،والحفلاتِ الرسميةِ وغيرِ الرسميةِ
وفي مواسم الترويج للانتخابات .. شراء ،وبيع الأصوات وبيع
منتجات أُخرى وأَخرا
الشخص : ( ساخرا ومتابعاً ) والرابعةٌ إن كنت شاطرا فاحزر
الكـلب (2 ) : هي فزورة ؟! الرابعة للراحة وتلبية الدعوات العامة والخاصة
الشخص : … والثامنةُ عشرة، والتاسعةُ عشرة..
الكـلب (2 ) : ( بالعامية ) بدك تقول سوق سودة ..هيك الله كتب ،ووعد برزقهم ما شاء الله! ( متابعا باعتزاز ) و الولد الخير .. صاحبَ الرقم عشرين !. هل سمعت عن أخباره .. ماذا يعمل هو الآخر؟
الشخص : نعم ! بقدرة قادر أصبح وزيراً كبيراً بل وأميراً، وكشف الله عن
بصيرته ، ووهبهُ من أموالِ اليتامىَ والمساكينَ وأبناءِ السبيل .. الكثير!. الكثير!.
الكـلب (2 ) : ( يصفعه بفوة فيقع على الأرض ) ..حيوان .. سافل .. ابن حرام !. ( بالعامية ) العمى بعيونك ولاك !. وبدّك تقنعني إنو مالك علاقة ! ( صفعة قوية من الكلب .. الكلب ينسحب نحو السرير وياخذ مكانه الى
جانب الكلب ( ١) .. الممثل على الارض .. غاب عن الوعي .. دخل الكومبارس وحملوا الممثل وخرجوا به سريعا .. دخل المخرج ومعه الكاتب وانحنيا تحية للجمهور .. اعتذر المخرج قائلا :
– المخرج : كان الله في عون الممثل !.
– الكاتب : ( متدخلا ومقاطعا المخرج ) .. انت السبب
– المخرج : ( بانفعال ) أنا السبب يا ابن الحرام !. أنت من كتب وأنا أخرجت اما كتبت على الورق..
– الكاتب : أنت واحد صفيق . ( بالعامية ) .. قلتلك خلينا نمحي اسم الحكومة ونحط اسم المخاتير
– المخرج عم تضحك على مين يا ابن الحرام ( يهجمان على بعضيهما ويتعاركان .. الجمهور يصفق بحماسة مع التصفير والتزمير ..
– يعود الممثل مسرعا والخوف والانفعال باديين عليه .. يخلص بينهما .. يحيّون الجمهور ..
– الممثل : ( يصرخ بهما وبالعامية يتكلم ) اللعمى بعيونكن العمى !! .. بكفّي خلّونا نكمّل العرض .. قبل ما تسقط الحكومة ويجيبونا حدا يبهدل فينا أكثر ..
يتبع ….