غادَرتَني وتركتَ نزف جراحي
………………..وأنا الغريق بصبوتي ومراحي
وهجرتَ آمالي وطيب سريرتي
……………….ونقاؤها بيديك سيل جماح
شَغِفٌ بتعذيب القلوب وليته
……………..شَغفٌ ببلسمة الجراح وماحي
أنا طائر الفينيق يطوي جانحاً
………………ألقى الصعابَ بشعلة الإصباح
شِقصٌ من الرحمن يحمل سرّها
……………..قلبٌ يُشيء على ذرى الأدواح
نديانُ خضّبه اللهيب من الأسى
…………….أُخفيه عن خلٍّ وعن إفصاح
فتلازمت فيه الفضيلة غايةً
……………كتلازم المشكاة والمصباح
يغدو كبحرٍ قد تعانق موجه
……………كتعانق الأحباب يوم سماح
هي ذي دموعي بعد هجرك مثلما
……………..قلبٍ بطعنةِ فاتكٍ رمّاح
جَرَحَ الغياب زهور أيامي وقد
…………….وأدَ الأماني للغد المرتاح
تاهت بهجرك كل أفكاري وهل
……………..يلقى المُبَرَّحُ غير صرف نواح
سأُعيد ترتيب الزمان وفصله
……………..ومسارَ أيامي وزهوَ صداحي
وأجوب آفاق القوافي في غدي
……………..لهباً يُعيد بيارقي ووشاحي
أبني بها صرحاً يُخلّده المدى
…………………ومزارَ روّادٍ ونهجَ صلاح
لا المجد في المصباح بل في ضوئه
………………عن احتراق فتيلة المصباح
وأنا الذي احترقت مواجد نفسه
………………فأضاء يسعى مثل شمس صباح
عصفت بتاريخي بلاهة كاتبٍ
………………وهي المنيعة في حمى السفّاح
تبكي الصحائف من مداد يراعه
……………….وهو الذي أدمى رؤى الإصلاح
من ذا يعيد ولو بشطرٍ واحدٍ
…………………..تاريخ آباءٍ ومجد كفاح
هل غيره شبل العرين وسيفه
……………….يطوي عزاة الليل طيَّ الراح
إنّي لألمح فيه ظلّ كآبةٍ
………………..خرساء تفصح أيّما إفصاح
وأراه آتٍ في الصباح ودفقه
……………..بَرماً يلوب على جناح مُراح
ويُزين ليل الحالمين ببُردةٍ
……………..وعليه وشيُ زنابقٍ وأقاح
ومؤرّخٌ للناس عرس بطولةٍ
…………….نشوان من سكرٍ بلا أقداح
يعطي ولا يبغي جزاء عطائه
…………….بل همُّه لسعادة الأرواح
الشاعر عيسى إبراهيم
ألقيت في مهرجان دمشق وموج العشق في ثقافي أبي رمانة يوم الخميس ه / ١ / ٢٠٢٣..