بعد سلسلة ارتفاعات متواصلة طالت اللحوم الحمراء خلال الأزمة الراهنة عاد مؤشر سعرها إلى التصاعد مجدداً، الناجم بطبيعة الحال عن بدائية أسلوب الجهات الرقابية وتصميم أدواتها للعمل في أوقات الاستقرار فقط، علماً بأن موظفيها يجاهرون من خلف مكاتبهم بعجزهم عن ضبط السوق في ظل الوضع القائم مع تكرار سيناريو قلة عدد المراقبين من دون أن يثمر عمر الأزمة الطويل في فك شفرة هذه المعضلة على الرغم من طوابير العاطلين على العمل المنتظرين الحصول على فرصة عمل تنقذهم من داء البطالة، وهو أمر ترك بصمته السلبية على نمط الأسرة المعيشي بعد أن اضطرتها أزمة الغلاء المستمرة إلى تغيير عاداتها الاستهلاكية المتمثلة بإلغاء سلعٍ أساسيةٍ كثيرة أو شرائها بكميات مخفضة وليس آخرها اللحوم، فما هي مسوغات ارتفاع سعر هذه المادة ولاسيما أنها تعد إنتاجاً محلياً بامتياز، وما الإجراءات المتخذة بغية ضبط أسعارها وتقديمها بسعر مقبول للمستهلك، الذي بات واقعاً بين سندان انخفاض دخله الشهري المتناقص يومياً ومطرقة الأسعار الملتهبة وسط تدابير رقابية خجولة.
ارتفاع سعري جديد
سجلت اللحوم الحمراء ارتفاعاً جديداً خلال الفترة الفائتة تعددت أسبابه بين ارتفاع سعر المنتج الحي والمواد العلفية وتهريب الثروة الحيوانية القائم على قدم وساق في الظروف الراهنة ويقابله قرار تصدير الأغنام، الذي سمح بموجبه بتصدير ذكور الأغنام حصراً شرط ألا يتجاوز العدد المسموح به 50 ألف رأس حتى نهاية الشهر الأول من العام الجاري، لكن الأمر الأكثر خطورة أن تصدير الأغنام يستمر حتى في الفترات الممنوعة الممتدة من الشهر الثاني حتى نهاية الشهر الثالث لأنها فترة ولادات، ما يتسبب في خسائر كبيرة في الثروة الحيوانية ويؤدي حكماً إلى مضاعفة أسعار لحومها إلى مستويات قياسية تفوق قدرة المستهلك المادية المحدودة، فقد تراوح سعر هبرة الغنم في أسواق مدينة دمشق بين 1200-1600 ليرة ولحم الغنم المسوف بـ1000 ليرة وسعر لحم هبرة العجل بـ850 ليرة ولحم العجل المسوف بـ650-700 ليرة مع ملاحظة أن أغلبية اللحامين يمتنعون عن وضع أسعار اللحم على اختلاف أنواعه إلا فيما ندر معتمدين على الأسلوب الشفهي في إعلام المستهلك بالتسعيرة المحددة من قبلهم حسب مقاس جيبهم وذمتهم مرفقةٍ بشكوى دائمة من هذا الواقع بسبب انخفاض طلب المستهلكين على شراء هذه المادة، وفي هذا الصدد عبر بعض المواطنين عن تذمرهم من هذا الارتفاع غير المسوغ فتقول نهى معروف (ربة منزل) من سكان منطقة المزة: بين ليلة وضحاها حلقت أسعار لحم الغنم عالياً من دون وجود سبب مقنع لهذا الارتفاع الجديد المتسبب في حرمان عائلات كثيرة من شرائه أو التقليل من ابتياعه قدر الإمكان بعد تخطي سعر كغ غرام منه حد 1500 ليرة، فقد اضطرها هذا الواقع كيلا تحرم أفرادها من هذه المادة الأساسية إلى شرائها بالوقية البالغ سعرها بين 280-300 ليرة، وهو أمر مؤسف لأن المجتمع السوري كان سابقاً يتفاخر بنمطه الاستهلاكي بسبب توافر سلع عديدة بأسعار مقبولة بإمكان كل فرد انتقاء ما يناسب قدراته وإمكاناته المادية.
من جهتها تساءلت سلوى منعم (موظفة) من المنطقة ذاتها عن كيفية تدبر الأسرة أمرها في ظل امتداد أزمة الغلاء إلى السلع المختلفة، فإعداد طبخة واحدة من الخضراوات فقط مثلاً بات يكلف أكثر من 500 ليرة بينما وصل سعر كيلو الفروج إلى 280 ليرة، إضافة إلى ارتفاع أسعار الحبوب والمعلبات وغيرها من المنتجات التي تدخل في سلم استهلاك الأسرة في حين لا تزال الجهات الرقابية في وزارة التجارة الداخلية تلقي بالكرة في ملعب جهات أخرى علماً بأن وزيرها أمطر المواطنين قبل تسلمه كرسي المسؤولية بسيل من التصريحات الإعلامية المعسولة بين الواقع خلال عام تقريباً عجزه عن تطبيق محتواها.
بدوره خالد سليم (مدرس) أكد إلغاءه لحم الغنم من حساباته والاستعاضة عنه بلحم العجل، الذي طالته موجة الغلاء أيضاً، لكن عموماً يبقى سعره أرحم، إذ إن دخله المحدود الذي لا يتجاوز 20 ألفاً لا يسمح له بشراء كغ غرام من هذا اللحم المعروف بطعمه الشهي وفوائده الكثيرة في ظل التضخم الحاصل في السوق المحلية.
من جهتها تساءلت سلوى منعم (موظفة) من المنطقة ذاتها عن كيفية تدبر الأسرة أمرها في ظل امتداد أزمة الغلاء إلى السلع المختلفة، فإعداد طبخة واحدة من الخضراوات فقط مثلاً بات يكلف أكثر من 500 ليرة بينما وصل سعر كيلو الفروج إلى 280 ليرة، إضافة إلى ارتفاع أسعار الحبوب والمعلبات وغيرها من المنتجات التي تدخل في سلم استهلاك الأسرة في حين لا تزال الجهات الرقابية في وزارة التجارة الداخلية تلقي بالكرة في ملعب جهات أخرى علماً بأن وزيرها أمطر المواطنين قبل تسلمه كرسي المسؤولية بسيل من التصريحات الإعلامية المعسولة بين الواقع خلال عام تقريباً عجزه عن تطبيق محتواها.
بدوره خالد سليم (مدرس) أكد إلغاءه لحم الغنم من حساباته والاستعاضة عنه بلحم العجل، الذي طالته موجة الغلاء أيضاً، لكن عموماً يبقى سعره أرحم، إذ إن دخله المحدود الذي لا يتجاوز 20 ألفاً لا يسمح له بشراء كغ غرام من هذا اللحم المعروف بطعمه الشهي وفوائده الكثيرة في ظل التضخم الحاصل في السوق المحلية.
رقابة حاضرة غائبة
يرتبط غلاء اللحم المجروم بسعر الخروف الحي البالغ الكيلو غرام منه 415 ليرة تضاف إليه صعوبة التنقل وظروف التربية في المناطق الساخنة وارتفاع أجور النقل علماً بأن الواقع يشمل جميع المحافظات السورية وليس محافظة دمشق فحسب لأن المحدد الأساسي للتسعيرة سعر الخروف الحي على حد تعبير زياد هزاع (مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في دمشق) الذي رفض تحميل الرقابة مسؤولية ارتفاع أسعار اللحوم وضبط أسواقها ولاسيما أن جهودها في هذه الفترة تتركز بالدرجة الأولى على مراقبة جودتها ونوعيتها كيلا تخلط بأنواع لحوم أخرى تؤثر في سلامة المستهلك وصحته… مضيفاً أنه مع السماح بتصدير الأغنام مادام عدد الرؤوس المصدر يفيض عن حاجة البلاد لأن ذلك سيؤدي إلى تأمين القطع الأجنبي من دون أن يؤثر هذا القرار في رفع أسعار اللحوم.
بدوره بسام درويش (رئيس جمعية اللحامين) أرجع ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء التي زادت على 30% خلال الفترة الماضية إلى زيادة تكاليف الإنتاج وانخفاض حركة الطلب على شراء هذه المادة مقارنةً بفترات سابقة مع قيام بعض ضعاف النفوس باستغلال الوضع الراهن لتوسيع هوامش الربح حسب مصلحتهم الخاصة، منوهاً بأن غلاء اللحوم يؤثر في المستهلك والبائع في القدر نفسه، حيث أدى ضعف إقبال الزبائن على شراء هذه المادة الأساسية، التي كانت قد تدخل في معظم أصناف الطعام إلى انخفاض حجم مبيعات اللحام إلى أكثر من النصف تقريباً.
بدوره بسام درويش (رئيس جمعية اللحامين) أرجع ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء التي زادت على 30% خلال الفترة الماضية إلى زيادة تكاليف الإنتاج وانخفاض حركة الطلب على شراء هذه المادة مقارنةً بفترات سابقة مع قيام بعض ضعاف النفوس باستغلال الوضع الراهن لتوسيع هوامش الربح حسب مصلحتهم الخاصة، منوهاً بأن غلاء اللحوم يؤثر في المستهلك والبائع في القدر نفسه، حيث أدى ضعف إقبال الزبائن على شراء هذه المادة الأساسية، التي كانت قد تدخل في معظم أصناف الطعام إلى انخفاض حجم مبيعات اللحام إلى أكثر من النصف تقريباً.
تصدير الأغنام في دائرة الاتهام
لا يزال قرار السماح بتصدير ذكور الأغنام مثار جدل واسع ولاسيما بعد ارتفاع سعر لحومها الجنوني، إذ وجده البعض قراراً عشوائياً ولاسيما أن الجهات المعنية عاجزة عن ضبط آثاره وانعكاساته على السوق، وهو ما أكده مازن حمور (عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق) فيقول: قرار السماح بتصدير الأغنام لا يحقق أي جدوى اقتصادية سواء بخصوص تأمين القطع الأجنبي أو دعم المربين، حيث يمكن إيجاد بدائل أخرى تضمن تحقيق هذه الغاية بعيداً عن زيادة معاناة المستهلك اليومية الناجمة عن استمرار زيادة أسعار السلع ولاسيما اللحوم، التي تعد منتجاً سورياً بامتياز ويتمتع بمذاق شهي يجعله مطلوباً من جميع دول العالم، لكن في النهاية يبقى المواطن السوري أحق بتناوله من أي مواطن في دولة أخرى.. مضيفاً: إن ربط ارتفاع أسعار اللحوم بقرار تصدير الأغنام تثبته تجربة حصلت في بداية الأزمة حينما أوقف العمل بهذا القرار مدة ثلاثة أشهر جرى خلالها شراء 10 آلاف طن ضخت في صالات الخزن والتسويق، وبناء عليه طرأ انخفاض على سعر هذه المادة وصل إلى حدود 400 ليرة تقريباً إلا أن إعادة العمل بقرار التصدير ألهب الأسواق من جديد وتحمل نتائجه المستهلك مع أنه حتى في ظل موجة الغلاء العائدة بالدرجة الأولى إلى ارتفاع تكاليف المواد الأولية يفترض ألا يتجاوز سعر كغ الغنم البلدي 800 ليرة بينما تباع اليوم بسعر مضاعف بلغ 1600 ليرة، ما يدل على أن هذا القرار أحدث خللاً واضحاً في السوق ولاسيما أن الأمر لا يقتصر على تصدير رؤوس الأغنام مع أنه لا يتم التقيد بالكميات المسموح بها بل يتعداها إلى تهريب جزء آخر من هذه الثروة الحيوانية المهمة بشكل يفقد البلاد الكثير من القطع الأجنبي، لذا يفترض تكاتف جهود جميع الجهات المعنية من أجل دعم المستهلك من خلال تقديم السلع بأسعار مناسبة ومد يد العون للمربي بغية تخفيف الأعباء على كاهله وضمان تحقيق عوائد ربحية معقولة من مهنته من دون الحاجة إلى تصدير مواشيه خارج البلاد.