ا. الناقد المصري: فتحي محفوظ
الإبداع في مرايا النقد الأدبي
الشاعر القدير احمد نبوي
كنا قد تحدثنا من قبل عن مترابط قام ليجمع بين الجماعة والفرد ، وخلصنا الي نتيجة قادتنا الي حالة من اللا انتماء بين الجماعة والفرد ، ولم يكن ذلك نهاية المطاف فثمة اربعة انواع اخري من المترابطات تدور حول هذا النشيد .
اولا : المترابط المكاني بين الفرد والمكان . ذكر النشيد ان الجماعة قامت بمبادرة المغادرة من الحي القديم متجهين الي احد الربوع الأخري ، والربع هو المفهوم الكلاسيكي السائد في ازمنة التاريخ القديم عن اسم لمكان ، ومن ثم وجب التنسيق بين مفاهيم الحي القديم والربع علي انهما يمثلان اكثر من ترادفات لفظية تنسحب مدلولاتها الي الماضي البعيد ، وبالتالي فإن تمسك الفرد بالإقامة في الحي القديم دون ان تعتريه الرغبة في مغادرته لا يفصح فقط عن انتماءاته العاطفية لعبق المكان ، وإنما يبرز كفعل يشير الي تمسكه بعراقة المكان ، وقد يصل الأمر الي ابعد من ذلك , عندما يرتبط المكان بالهوية التاريخية والتراث المحفوظ داخل دائرة المكان ، ولكن هذا المترابط لم يحظ بالقدر الكافي من العناية
ثانيا : المترابط المكاني بين الجماعة والمكان , انه رابط فرعي وحركي ، ولا ينتمي الي المترابط المكاني للفرد المقيم , إنما ينزع الي الانفصال والتباعد عن منظومة التراث والهوية ، وكان النشيد قد قام ببنائه تأسيسا علي المترابط السابق
ثالثا : المترابط الزمني بين الفرد والزمن . لا يبرز عنصر الزمن داخل هذا النشيد باعتباره عنصرا مستقلا ، فعند اجراء مقارنة حصرية بين مفهوم الزمن لدي كل من الفرد المقيم ، ونظيره العالم بمجريات الأمور نجد تباينا واضحا يعلن ضمنا ان الفرد قد فقد احساسه بالزمن ، وهذا بدوره ينبثق من اطراف القضية المطروحة ، فالجماعة مرت دون ان يعي فترة مرورها ، ولولا ان العليم قد اخبره بذلك ما كان له ان يعاني من آلام الانفصال عن الجماعة
رابعا : علاقة الجماعة بالزمن كان يحددها فترة المرور علي المكان القديم . انه مرور عابر لا يتسم بالعاطفة ، ولكنه لا يقاطع ايضا ، طرحوا علي العليم سؤالا عن الفرد لم يهتموا بانتظار اجابة له ، فالوقت ضيق علي طرح سؤال عاطفي ، واكثر ضيقا عندما تدعو الحاجة الي السرعة في الحركة الطاردة من حدود المكان القديم ، وعدم انتظار اجابة عن السؤال او اجابة عن أي سؤال آخر لم يسعفهم الوقت بطرحه
يطرح النشيد معضلة الهوية والتراث عبر مترابطاته السابقة ، وبذلك يقدم النشيد وثيقة تاريخية يقوم النشيد من خلالها بتوجيه الاتهام الي الجماعة , لأسباب عدم وجود نزعة لديها للتمسك بالقيم والعادات والثقافة الأصيلة مما يقودها حتما لبلوغ ربع آخر , كما يقودها الي فقدان الهوية والضياع المحتم للعناصر التراثية ، وربما ضياع العقيدة نفسها إذا ما نشأت الرغبة في إعادة تجديد العقيدة