#التحليلية_في
#_الفنية_التصويرية #لإحتراقات_الأنا ومواقيت نبضها لإرواء السيميائية في قص شريط ضوء البعاد لنص
بقلم الشاعرة مرشدة جاويش
/(هارموني )/ للشاعرة السورية حنان عبد اللطيف
النص :
هارموني
و كلما أبصرتُ
قلبي قادراً على العطاء
طبعتُ على جبينه قبلة الغفران
الحياة اوشكت على النفاذ
من قوارير الأيام
الصمت يصرخ بلا استئذان
حاولت ألا اكون هو
غيّرت كل العناوين
وأغلقت بوجهه كل الأبواب
استعرت هوية جديدة
من خلف البحار
تصلح لليل العازفين
عن الحب
ابصرت قلبي هناك من جديد
يلملم ذيول غفرانه
معلناً توبته بامتعاض
هيهات هيهات
يا انثى المطر
ماهذا الجفاف
.
.
ينكرني قلبي
كأني يوماً ماعرفته
ولا تحسست به ريح الغياب
حنان عبد اللطيف / أنثى المطر
القراءة :
//تعرفة ومدخل//
الشعر هو كل مايدغدغ حواسنا وهو من الشعورية ومع أن البعض قد ذهب إلى إستحالة تحديده
كمعنى لذلك ظل متشعب التفاسير الشعر كل مايوقظ حواسنا وهو ردود أفعال تترجم من خلال مثيرات
تستجيب بآلية أكثر فاعلية ليكون الخطاب الشعري
فالوعي والسلوكية الفردية أكثر فاعلية مع الفعلية الذواتية والخارجية الموضوعية
بالإستجابة والتأثر بعيداً عن الشعرية الممنهجة موضوعياً كتأثير خارجي أوسلطوي
ليهيمن على الفكرة الشعور ويحقق ضمان التخضيع وعدم التمرد
ومع أن الذاتية الشاعرة هي متمردة وتتبع الحالات المؤثرة لكنها تنطوي أحياناً على التبعية الشعرية اضطراراً وخاصة
في يومنا الحالي
والأمر يتوزع إماً شعراً مستجيباً
أو رافضاً ولكنه يلجأ للتأويلية لحفظ ماء الوجه
فهناك إذاً تعارض وهناك مايُثير وماهو مُثار ولكن بالنهاية يبقى الموقف هو الحاسم يمنعنا عن التردي
أو حتى التبعية فالشعر الحقيقي يملكه الإنسان حقيقي والملتزم بالمسؤولية الأدبية بعيداً عن الترامي
في مستنقع السياسة والمحسوبيات
لذلك نجد المبدعة حنان برغم تقاطعاتها الأدبية بزمن العفن والجبن وبرغم تعتمد غالباً النثرية الأبعد عن التموسق الشعري
إلا أنها تمتلك طاقة شعرية متلونة ومتنوعة بنصوصها تعطيها هذا البعد للحفاظ على حضورها الأدبي بقوة من خلال النثر التأويلي العالي بعيداً عن التأثر
وعن التبعية لظرف الحياة
ولكن هذا لايمنع أن أكثر كتاباتها تصب بوجع الوطن بشكل عام وبالإحتقان الذاتي والشجن المحيط
إنما النص اليوم هو نص حسي عالي لنزوح النفس واستنطاقها بترميزية
//فينومينولوجية // إبتداءاً من العنونة
/ (هارموني)/
فحين تستدرج بعدالنص تدرك معنى العنوان وغايته
نجدها تعتمد
التسمية
ب/ (هارموني) / كلمة تشير لمزاجية وتقلبات
وأيضاً لنشاط وحراك وربما الإنسجام حتى بتخصيص الذات المتكلمة للذات الأخرى
فالهرموني هنا الإدراكية اللاوعية لأن الشاعرة تتبدل معانيها من خلال المعنى الكلي للنص
حاكتها بحرفية بالتنقل من خلال لهجة قلبها وذاك الذي جافته
والهارموني = يقابله معنى آخر أيضاً ربما إتخذته المبدعة سياقياً
/ (هارمونيكا) / ليعطي للإستهلال غاية موازية لمعنى الهارموني
فالهارمونيكا المراد منها هنا لوأسبغناها على المعنى غائية ذاتية
فنجد الشاعرة تسير كحرة في نغمتها المهتزة في أبعاد واحدة أي الشاعرة موقفها لن يتبدل برغم هيمنة قلبها الحافل بالعتب وبرغم غفرانها له
/(وكلما أبصرت )/ هنا وكأنها تقول (أنا) كلما أبصرت
بين الإسم الشرطي غير الجازم (كلما)
أي بين كلَّ النائبة عن( أنا)
وبين (ما) المصدرية الزمانية التي تؤهل لما بعدها من مصدر تأويلياً أعطت بعداً لما بعد الإبصار
إنه قلبها الذي تراه
/ ( قلبي قادراً على العطاء
طبعتُ على جبينه قبلة الغفران) /
أي الخلاص الإنساني يقف على نصل لسانها والإستاتيكية بين رؤيتها وقلبها أعطتها قيمة المعنى بالمفردة الدينية
/(الغفران )/
التي أثرت الصورة إثراءاً حيوياً لتنعطف إلى مجاورة المعنى بالسببية للغفران
فال / (الحياة أوشكت على النفاذ
من قوارير الأيام)/
الحياة عابرة برأيها ماضية أفرغت مكنونات أيامها
وتتلون ضمن قاع المعنى بفلسفة ظاهراتيائية لفينولوجيا الحالة
لتبرر سر تلك القبلة
لأنها ترغب الهروب فذاك اليباب الساكن في الكتمان والصمت أوجعها
وحالة النزوح النفسي للذات ضمن الذات أربكت
/(الصمت الكامن والملح ) /
بإحترافية تصويرية مجازية أعطت الصمت الأنسنة الحياتية ليعطي حراك للصورة الشعرية
فالصمت يقابله حراك = الصراخ
فكيف يصرخ الصمت هنا جمالية المعنى الترميزي للحالة ومراقبة الصمت
فهي قد بدّلت كل شيء واستعارت شخصية جديدة عن هوية بعيدة المنال كي تنفي ذاك التورط الهائم في أحوال الحب
وتُلغيه من ليلها العازف عنه
/ ( غيرت كل العناوين وأغلقت بوجهه كل الأبواب
إستعرت هوية جديدة من خلف البحار
تصلح لليل العازفين عن الحب)/
من جديد أبصرت قلبها قد أعلن توبته عن ذلك الغفران بكل استياء وهو يجر خيبته
مستنكراً بتأنيبه لذاك الجفاء والجفاف وهي التي كانت تمطر بأنوثتها مزن الحب
/ (أبصرت قلبي هناك من جديد
يلملم ذيول غفرانه
معلناً توبته بامتعاض
هيهات هيهات
يا انثى المطر
ماهذا الجفاف)/
فالقلب هنا ينزف خيبته
حين مدّ جسوره يلوي بتكبيل نبضه بأحداق عبارة تنثر يأسها
/( هيهات ) /
أجادت الشاعرة تصوير إستنكار القلب بذاكرة ارتدادية
وهو الذي كان شاهد على البعاد
هي صحوة الذات حول استلاب الحس الذي غيب المعنى الإنساني عن الأنوية الشاعرة
فتوجهت بالإشارة :
/(ينكرني قلبي
وكأني يوماً ماعرفته ولاتحسست به ريح البعاد )/
النفس المكلومة والتي أكدت عالجفاف بهذا النضوب وتلك التقلبات نرى تمظهر الصورة النفسية بتناسق جمالي وكأنها تدين قلبها وهو الواقف على مشهدية الأفق المغاصن كل الفراق
بحدسية مستنكرة للامرئية شعورية إنما حسية تتواتر مع حراكية نبضية
وكأن القلب إنسان تعاتبه بخيط شفيف المعنى بإقتراف حالة وجدانية وهي ضمنياً لها ذاك الحدس الضالع في الغياب
بمفهوم حداثي
ومن عمق معرفتها ومديات واسعة الثقافة كانت الصور قد أخذت حيزات مجازية وأعطت الزمكانية الماضوية
/( أبصرت – طبعت – غيرت ) /
التي تشكل استمرارية آنية فهي اعتنت بالوصف بامتداد حاضروي
/(يلملم _ينكرني)/ بأسلوبية موجهة
أبعد عن المباشرة برغم ليونة المعاني مردّه تكثيف التصويرية بالنص فالنص إعتمد على الصورة أكثر لصالح الفكرة
والأبعاد الترميزية
مع مكنون الكناية أعطت للنص تجوهره بعيداً عن التقرير في إظهار البوح الذاتي المعتنق للحالة بتحولات بلاغية مدركة
/(قوارير الأيام- الصمت يصرخ -أبصرت قلبي-)/
فتلك الفينانة كان لها شرودها
وهذه المحاكة مع قلبها بنص عبر إلى تأبيدة في عالم الحراك الأنوي
مع النبض الوتيني لإستكمال الحالة الناهضة بالعصيان والبعاد
لأنها أخضعت النفس لقانون الرفض لتحترق مهارات الرجوع فمضت ترتشف الجفا
من ماء السحاب تروي شجر المعنى بمسؤولية أدبية ووحدة بنائية مسبوكة معنية وصياغات عالية الإيقاع وتعينات ساردة أبرزتها ضمائر اللفظات وبتوظيف شعري بلغ أهميته
مع الصور البارعة المهيمنة
لذلك نحن في أثر شاعرة قديرة إننا نتحدث عن شعر حقيقي برغم أنها إعتمدت النثرية بالنص برسالة مخاطبة لذات غائبة من خلال حوار القلب فغالباً الهيمنة النصية يقابلها مايؤكده
/(جاكسوبون) /
هنا هيمنة القلب في إفراز ترددات الحالة أوحت للذات بوقفة جاهدة بالخطابية لزعزعة جمود الوعي المتلقي كما كان بختام النص
/(ينكرني قلبي
كأني يوماً ماعرفته
ولاتحسست به ريح الغياب )/
النص يختزل تجربة أنا مكلومة إختزالاً يعمقه التعاطي البليغ مع المتلفظ اللغوي واللساني المنحاز للتكثيف الصوري وتصيد المجاز الموحي
/ ( تحسست به ريح الغياب _ يلملم ذيول غفرانه _قبلة الغفران _ أبصرت قلبي ) /
حنان عبد اللطيف مبدعة حقيقية
ولقد انتقيتُ هذا النص الذي لايقاس لنسقها الشعري المعهود ولحظاته الشعرية المنحازة للتكثيف بإمتياز
فهي تعتمد على فلسفة خاصة وحياتية وتستجر عوالمها بمساحة شعرها
والوطن له المتسع الأكبر في ذلك
تعتبر الشاعرة حنان من الشاعرات اللواتي يعتمدن الإقتصاد اللغوي بتصويرية مقطعية تعبر عن الفكرة التي تتوالد بقوة وإلحاح
وتعطي من خلال ذلك مجالاً للمتلقي للتفكير لخلق الإنطباع
مبدعة تمتطي خيل المعاني وتروض اللغة بين يديها