هل نحن أمام موسم القدوم إلى دمشق، وعودة الدفء لعلاقات العرب مع دمشق؟
وهل الكوارث تذيب العداوات، وتشكل مناخاً للتصالح مع الدول العربية، ونسيان الماضي؟
يقول (أنشتاين) في كل صعوبة، هناك فرصة، فهل ستشكل الكارثة فرصة، لعودة الحرية إلى المنطقة؟
المحامي محمد محسن
أكثر من عشر سنوات وسورية تواجه كل يوم ألف كارثة، وكارثة، وعلى كل الصعد، قتل، ودمار، وهجرة، حتى وصل الواقع المعاشي حد العوز، كل هذه الكوارث تمت في الزمن الأمريكي.
الذي كان يقود معظم الدول العربية من أنفها، للمساهمة الجادة والعملية في الحروب الزلزالية، اليومية، التي كانت تصيب سورية، وكانت الأحقاد، والبغضاء تلف دول المنطقة، لأن قرارها مصادر، ولا رأي لها، بل ليس لها حق اصدار القرار حتى في قضاياها الشخصية، فالمحرك أو مفاتيح المنطقة كانت تتحرز عليها السفارات الأمريكية.
ومنذ عامين أو أكثر حاولت بعض ممالك الخليج وعلى رأسها السعودية، إعادة فتح سفاراتها في دمشق، فجاء الأمر الأمريكي، بأن قفوا، وإلا، فكانت الاستجابة سريعة، وبدون ابداء أي تململ.
من هنا يحق للجميع التساؤل ما الذي جرى؟؟
وما هي الأسباب التي دفعت الأنظمة العربية، لنجدة دمشق، وبسخاء، لعونها على مواجهة الزلزال الطبيعي، الذي أصاب الشمال والغرب السوري، بكوارث بشرية، وعمرانية؟ ولم يقتصر العون الإنساني السخي على الدول العربية وشعوبها، بل اتسع ليشمل الكثير من دول العالم، التي كانت تتحرج من فتح اية قناة مع دمشق.
الجواب قد نجد بعضاً منه في عودة النخوة، والكرم العربي المتأصل تاريخياً لدى المجتمعات العربية، ولكن هذا التعليل، وحده لا يكفي، لأن ما عانته سورية من زلازل الحروب الأمريكية، كانت أمر وأدهى بألف مرة ومرة مما أحدثه هذا الزلزال الطبيعي، وكانت الدول العربية، مساهمة جدية في الحروب الزلزالية تلك.
وعند محاولتنا قراءة بعض التغيرات المتتابعة، التي حدثت في مواقف ممالك الخليج السلبية، من أمريكا وقطبها عبر السنتين الماضيتين، نتأكد أنه كان من المستحيل حدوث هذه التغيرات، لولا تراجع الحضور الأمريكي في المنطقة، الذي يؤذن بسقوط النظام الإقليمي الذي تأسس في مرحلة الوصاية الأمريكية المطلقة على الدول العربية، وإعادة رسم خارطة جديدة، للعلاقات بين سورية والدول العربية، وبخاصة مع ممالك الخليج، وبين الدول العربية وجيرانها.
إذاً انكفاء الزمن الأمريكي الذي أشرنا إليه، والتي أكدت عليه التحركات الواسعة التي قامت وتقوم بها الأنظمة العربية تجاه سورية، من تبرعات سخية، ومن اتصالات هاتفية، مع السيد الرئيس، بعد وقوع الكارثة الزلزالية الطبيعية، وبشكل أكثر حرية، هو الذي سمح بالانفتاح على دمشق، والعودة الدافئة لها.
وهذا الواقع الجديد يؤكد أن انفراجاً قادماً، سيشمل جميع دول المنطقة، وعلى رأس هذه الانفراجات، سيكون عودة سورية إلى حضن أسرتها العربية، وهذ هي بشارة تاريخية، لشعبنا العربي السوري، ولجميع مجتمعاتنا العربية، لأن عودة الوئام إلى الصف العربي، والذي لم يتم لولا خفوت التأثير الأمريكي على دول المنطقة كما أكدنا.
من هنا المسلك الوحيد، للتخلص من كل العقبات التي كانت تعيق تقدم أمتنا، وخلاصها من كل التناقضات والصراعات، فغروب الزمن الأمريكي، هو زمن مروق الضوء، وخلاص سورية بل والمنطقة كلها من قيودها التاريخية.