كاتبة و ناشرة فلسطينية
السنة الأولى للحرب
مئة عام مرت على الحرب هناك، لا انتصار ولا هزيمة،
كل شيء معد مسبقا،
لا أحد هناك،
وهنا حروب كثيرة تروي التلال بالأرجواني ونستريح على زرقة البحر لأكثر من ألف عام،
لا هدنة مع الوقت،
ولا هدنة مع الموت،
ولا سكون يرفل فوق المكان،
وسط ضجيج المنافي، أخبرك كل نهار،
صباح الورد فتستيقظ الحواس كرفيف يتدفق في القلب فيمنح الأمل.
حين تنتهي الحرب،
في البيت البعيد حين تأتي،
ستجد كثيرا من صور البلاد معلقة على حائط غرفتي البيضاء،
وتحت كل صورة يومياتنا في منشية يافا،
وصورة برج الساعة تحتها ظلين هم لنا في زمن آخر كنا سنويا فيه،
وعلى الشاطئ هناك صبية صغيرة أفلتت جناحيها للريح
فسميناها يافا،
وصور لأمي وأبي حين كانا يقضيان شهر العسل في طبرية،
وصورة لجدتي وهي تخبز المنامات كل صباح في المجدل
فتهدي الصغار النعاس،
وصور أخرى كثيرة لك في الجبال
حين تنسج من الأشجار أريكتي وخارطة البلاد.
لا تنس هناك أيضا في الغرفة سرديات الحرب والحب،
كانت تنتظر معي العودة
لأكتب توقف المنفى
لكن لم ينته.
نسيت أن أخبرك أني تركت لك كل القصص دون نهايات حتى نظل سويا
لا حدود هناك…
ولا جوازات سفر…
ولا حواجز تفتيش،
ولا جيش…
ولا مخيمات تعيق الحياة،
فقط أنا وأنت وأجنحة النورس
والبحر حين ينام بين قلبين فينجب مدن البرتقال والعنب الأحمر والرمان،
وقطعة البروانيز بالأمس كريم التي أهديتني معها محبة بلون السماء.
في المساء حين تستعد للنوم
كانت الحياة تدب في قلبي،
كنت أخبر قلبي ذات ليلة تنام على وسادته وتروي له كل الحكايات المؤجلة،
وحين تغفو سأهمس لك “آني أحبك”
أتعرف كمْ مرة أخبرتك بها؟،
في كل الصباحات البعيدة
وحين أعد لك الطعام اليومي،
وأنا أنتظرك كل نهار لتؤنس روحي الغريبة،
وفي المساء وأنت تعد الشاي العراقي الذي أحبه،
وحين أعد قائمة من الأغنيات المنسية، بين الصمت الذي يسود منفاي.
كيف لك أن لا تسمع كل هذه المرويات وقصص الحب،
وفناجين القهوة الصباحية،
والتاريخ البعيد،
والمدن المنسية،
والأحلام التي تؤرقني كلما ابتعدت،
وكل التفاصيل والأسرار التي مشت نحو البلاد لتبصرنا.
اليوم المئة بعد ألف عام
لا الحرب تنتهي
ولا الحكايات
فقط أنا وأنت ويافا…
#جسدـأخرـغيرـقابلـللحياة
#يومياتـالحربـوالحب
الصورة هي : They gave their tomorrows for our todays “My Knight In Body Armour” By Jacqueline Hurley Port Out, Starboard Home Original Art