قصة قصيرة / عماد أبو زيد
من المؤكد أنه ظلَّ يلح عليه؛ كي يعطيه من المال ما يكفي لقيام مشروعه الجديد، وتحويل الشقة الكبيرة إلى مطعم فاخر، على غرار نمط ويمبي، ماكدونالدز، بيتزاهت، وكنتاكي: واجهة عملاقة من الزجاج، تجتذب عين السائر في الشارع، تعرض عليه ما يدور في المحل أولاً بأول، وقد أزاحت عنه “فوبيا” الأماكن المُغلقة.
لم تكن اللوحات المُعلِّنة المضيئة تحفل بتقديم اسم المحل فقط؛ فمنها ما كانت تبرز العلامة التي اختيرت؛ كيما تكون شعارًا له- والتي ربما تمثل فيما بعد علامة تجارية ذات قيمة، لا تقدر إلا بمال سخي، هذا إذا نال نصيبًا من الشهرة، وصار له رواد يؤمونه، وقد عُني بتلبية رغباتهم واحترام آرائهم – ومنها ما تعرض قوائم بأنواع المأكولات.
فكرة تصميم المحل لم تكن مستهلكة في هذه المدينة، تنتمي لمخيلة جيل جديد، يرتاد مطاعم Take Away، أصابعه تعلق بـ “كيبورد اللابتوب”، و”التابلت”، و”الموبايل”، وهو يأكل سندوتشات الهامبورجر، ويشرب البيبسي كولا.
حرص الابن على أَلاَّ يضع اسمه أو صورته على اللوحات المُعلِّنة؛ كي لا يثير حنق أبيه، بعدما نجح في إقناعه بضخ ماله في هذا المشروع، دون أن تتوافر لديه خبرة مسبقة.
– البركة فيك يا حاج، انت الكل في الكل، وإحنا عايشين من خيرك.
كان للابن من الذكاء ما يطوعه؛ للوصول إلى أهدافه من أقصر الطرق، وكان الأب سعيدًا للغاية، بصورته المضيئة، وسط اللوحة، أمام المارَّة.
لم تكن ملامح وجهه غريبة عن عيني، فربما قصدته من قبل في “سوق الكرشه”؛ لأشتري منه “لحمة راس”، و”جوز رجول” أو ربما باع لي سندوتش فول. وجهه المنتفخ، وياقة جلبابه المتصلبة غير بعيدين عن ذاكرتي.
تعبيرات وجهه بالصورة، لا تعد أنه سيقدم مأكولاً أو مشروبًا بنفسه أو أنه سيكون واقفًا مُرحبًا على عتبات المحل. كان قد بدا عليه الوهن والعجز، ابتسامته تقول أنه ليس في وسعه أكثر من ذلك.