* خلف عامر
تأثير سلطة المكان يفرض بقوة مكانه على نصوص الشاعرة أميمة إبراهيم إبراهيم، كيف لا فالمكان هو الوطن، ولا كرامة للمرء من دونه.
يرى (غاستون باشلار) أن المكان الأليف هو “الذي مارسنا فيه أحلام اليقظة، وتشكل فيه خيالنا. فالمكانية في الأدب هي الصورة الفنية التي تذكرنا أو تبعث فينا ذكريات بيت الطفولة”، فليس من تأثيرٍ راسخ في الذهن من أماكن البدايات الأولى للطفولة ، التي تتشكل منها ملامح الإنسان الفكرية والنفسية والاجتماعية.
وتصف الشاعرة مكانا محدداً أَسَرَ ذاكرتها قائلة:
( لحمصَ طعمُ الملحِ آنَ لا يستقيمُ الطّعامُ
إلّا بهِ .
ولحمصَ وجعُ جرحٍ نازفٍ
ضغطناهُ بالملحِ).
وهنا اتكأت الشاعرة في تصويرها للمكان على الموروث الشعبي ووصفته بـطعم “الملح” ودلالاته في الوعي الجمعي، وكيف يصفون من يتنكر له.
واستعانت بـ”ياء” النداء لتوصل ما بها من وجع أرّق روحها إلى كل مكان، صارخة باللاشعور.
( ياحمصُ
“كيفَ نسيْنا خبزَكِ و ملحَكِ )
وهنا فتحت الشاعرة بشكل علني باب العتب على مصراعيه، وبشكل موجع على شكل تساؤلات متوخية أن تصلها إجابات قد تشفي ما بداخلها من قروح نتيجة تبدّل الناس، وتفريطهم بالمكان والعبث به، وكأنها تريد أن تحوّل قوافيها لصفعات في وجه كل من أسهم في مواجع حمص وأدماها، وتنكر لها.