تونس في 29 مارس 2023
بيان مشترك
لا للخضوع للسياسات الاستعمارية في تونس
أمام تفاقم أزمة النظام الرأسمالي العالمي المعولم، وتواصل الحرب الروسية الأكرانية الأطلسية بدخولها للسنة الثانية على التوالي، وتصاعد نفقاتها وكلفتها المادية والبشرية وامتداد تأثيراتها إلى غالبية الشعوب بما في ذلك شعوب أوروبا التي بدأت تفقد عددا من المكاسب، ما عجّل ويعجّل بتفجّر التناقضات الإجتماعية من جديد وخاصة ما تشهده الحركة الشعبية والعمّالية في فرنسا ببداية انتشار لهيب الإحتجاجات بل وتجاوزها إلى ألمانيا، وما رافق ذلك من سياسة القمع التي طالت وتطال المحتجّين اعتداءات واعتقالات ومصادرة للحريات، وما أبداه النظام الرأسمالي العالمي من انسداد أفق وعجز فادح عن حلّ مجمل تناقضاته المتفاقمة والمستعصية.
وأمام ما ارتبط بهذا السياق خلال المدّة الأخيرة في بلادنا من تصاعد وتيرة تصريحات العديد من “المسؤولين” الغربيين، شملت نوابا للبرلمان وممثلين للاتحاد الأوروبي ولحكومات عدد من بلدان أوروبا وأمريكا وصولا إلى ممثل الحلف الأطلسي العسكري (ناتو)، حول تطورات الوضع السياسي والاقتصادي في تونس وتركزت بالخصوص على مسألة “الحريات” واتفاقية تونس مع صندوق النقد الدولي وفي علاقة بالتطورات في قضية الهجرة…
وفي الأثناء واصل مفسرو خطابات السياسات الامبريالية في تونس تأكيداتهم على ضرورة المضيّ قدما باتجاه عقد الإتفاق مع صندوق النقد الدولي وتطبيق برنامج ما سمي باطلا بالإصلاحات “الموجعة” والتي تهدف في الحقيقة إلى مزيد تخريب الاقتصاد ورهن البلاد ونهبها مع تحميل أعباء نتائج الأزمة للطبقات الشعبية المستغَلّة المفقَّرة والمضطهَدة وبالخصوص من خلال بيع المؤسسات العمومية وتصفيتها والرفع التدريجي للدعم والتعويض للمواد الأساسية قبل إلغائهما كليا…
وحملت هذه التصريحات جملة من التهديدات أطلقها أعضاء بالحكومة الإيطالية لبقية بلدان الاتحاد الأوروبي تحذر من مخاطر الهجرة غير النظامية نحو أوروبا وخاصة باتجاه ايطاليا.
كما حضرت مساع محمومة من قبل مجموعة من النواب في البرلمان الأوروبي لابتزاز تونس في موضوع المساعدات والتعاون الدولي والمطالبة بإطلاق سراح الموقوفين خلال الفترة الأخيرة في تونس، دون أن ننسى صلف تصريحات بوريلي مفوض الخارجية للاتحاد الأوروبي ومساعدة وزير الخارجية الأمريكي، وتكثّف لغة الوعيد والترهيب على لسان أنطونيو تاياني وزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي ونائب رئيسة الوزراء وخاصة تصريح ينس ستولتنبرغ الامين العام لحلف شمال الأطلسي العسكري العدواني الإمبريالي (الناتو) الذي هدّد بوقاحة بإمكانية عسكرة محيط السواحل الجزائرية والتونسية بالخصوص عند الاقتضاء “للمساعدة” على منع عمليات الهجرة و”تدفّق آلاف المهاجرين الجدد إلى أوروبا انطلاقا من الشواطئ التونسية” محذرا من ازدياد النفوذ الروسي في إفريقيا ومن مغبّة تحوّل تونس إلى المعسكر الصيني- الروسي…
إن القوى الوطنية الديمقراطية الممضية أسفله، وأمام هذه التطورات الخطيرة:
1/ تستنكر بشدّة كلّ هذه التصريحات وتعتبرها تكريسا متجدّدا لسياسة التّرهيب التي تعوّدت عليها القوى الامبريالية والشوفينية في محاولاتها لإخضاع شعوب المستعمرات وأشباه المستعمرات بكل الأشكال بما في ذلك التهديد بالدفع نحو خلق الفوضى وإذكاء الصراعات الرّجعية والنعرات العرقية والدينية والطائفيّة وتوظيف المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء واستغلالهم والتّمهيد للتدخّل العسكري وتبريره
2/ تؤكد تضامنها مع الطبقة العاملة وجماهير الكادحين والمهمّشين المنتفضة في عدة بلدان أوروبية وبالخصوص ما تتعرض له بفرنسا من تنكيل وقمع ومحاولات محمومة لضرب المكاسب التاريخية التي حقّقتها الطبقة العاملة عبر النضالات والتضحيات الجسام.
3/ تعلن عن وقوفها المبدئي مع كافّة المهاجرين لفرض حقوقهم الطبيعيّة في العمل والتنقّل والعلاج والسكن والإقامة والمساواة في الأجر، وتشجب كلّ النّزعات العنصرية محليّا وعالميّا.
4/ تحذر من مخاطر وتبعات السياسات الرأسمالية الاحتكارية “الليبرالية” التي تعتمدها القوى الامبريالية عبر مساعي فرض سلوكات صندوق النقد الدولي ومختلف وكلائه المدافعين عن خياراته التّدميرية واللاشعبية تجاه تونس وتؤكّد استعدادها لخوض معركة الدفاع عن المؤسسات العمومية وعن الاستحقاقات الاقتصادية والاجتماعية للشعب التونسي.
5/ تستهجن خطابات ما يسمّى بالـ”معارضة” وهي المرتبطة عضويا بالدوائر الامبريالية وتقتات من فتاتها وتستقوي بمنتهى الوقاحة والبؤس السياسي بتهديدات القوى الخارجية المضادّة لمصالح شعبنا والمضرّة في العمق بوحدة بلادنا والمكرّسة لمزيد من انتهاك سيادتها، وتذكّر بما أقدمت عليه سابقا من صرف آلاف الدولارات للوبيات الضغط الأمريكية لمحاصرة تونس وشعبها وحرمانه من حقوقه الإنسانية في الحصول على التلاقيح إبان جائحة كورونا.
6/ تطالب بإيقاف سداد الديون كخطوة نحو تعافي المالية العمومية لما تمثله خدمة سداد الدين من ثقل رهيب على ميزانية الدولة تجلّى خلال السّنوات الفارطة، والقطع مع مواصلة توريط تونس في التداين وما يجرّه من خضوع لإملاءات صندوق النقد الدولي ومن ورائه الامبريالية المتوحّشة.
7/ تؤكد رفضها حلّ الأزمة الاقتصادية على كاهل الطبقات الوطنية الشعبية الكادحة وتدعو إلى القطع مع خيارات سياسة الإرتهان والتداين الدولية، وفرض التعامل الندّي ورفض أيّة وصاية على تونس والانتصار لخيارات التحرّر الوطني الديمقراطي والانعتاق الاجتماعي والعمل على تكريس السيادة الوطنية الغذائية والطاقية والعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة، وتقوم على خدمة مصالح الطبقات الشعبية وتلبية مختلف احتياجاتها وعيشها الكريم وتحافظ على سلامة البيئة وحفظ حقوق الأجيال القادمة.
8/ تشدّد على إيمانها الراسخ بأن الحلول للأزمات الرأسمالية المتتالية لن تتحقّق إلا من خلال النضال المشترك بين الشعوب والأمم المضطهَدة والطبقة العاملة العالمية ضدّ النظام الرأسمالي عدوّ الإنسانية والشعوب.
أرض حرية كرامة وطنية
حزب الوطد الموحد الهيئة التسييرية
حزب الوطد الإشتراكي الأمين العام النوري بالتومي
الوطنيون الديمقراطيون