المعرفة دين وفكر وحياة وصلاة……
من المؤسف أن الكثرين من البشر غارقون في وهم ما رُسم لهم تحت وطأة التعمية التي تسود عالم اليوم. فقد أصبحت النظرة السطحية هي السائدة. وهي ما تحكم التفكير. والأدهى من ذلك أن مجمل السلوك البشري السائد، كما الأخلاق بالمحصلة مُستمد من هذا الفهم السطحي(النقص المعرفي) وبالنتيجة وصلنا(البشر) إلى هذا الواقع المرير. من المثير للدهشة أن نتعايش مع هذا الواقع دون أن يحرّك فينا حتى الرغبة لاكتشاف ما وراء هذا الوهم وهذة التعمية. لماذا وصلت البشرية إلى ما هي عليه؟ لماذا بُذلت جهود هائلة منذ قرون لتدجين البشر؟ من وراء ذلك؟ وما هي أهدافهم؟ عمومًا،لابد أن ندرك أن الدافع الأساسي هو الهيمنة على البشر. حيث لا يمكن التحكم بالبشر إلاّ من خلال حجب المعرفة والتخويف. لذلك سعت تلك القوى(قوى الظل) منذ قرون على فرض نمط تفكير محدد. لقد نجحوا في ذلك حتى الآن من خلال: التعليم الآحادي الاتجاه؛المادي القسري، وتفريغ المعتقدات الدينية والفلسفية من محتواها من خلال ربطها بالسياسة (أداة سياسية)، بعد أن تم ترميز المعرفة التي تحتويها بشكل محُكم. وقد حاول المؤسسون(فرانسيس بيكون، مالتوس، داروين لاحقًا، وصولًا الى فرويد..وأطباء وعلماء وساسة..الخ) خداع البشر من خلال القول أن الحياة منبثقة من المادة(أسبقية المادة) أي أن مانراه ظاهرًا هو الحقيقة الكلية، وشكّلوا في الوقت ذاته جمعيات الأخوة التي تتبنى رؤى دينية بحتة. ولكن شاذة .(مراكمة المال والسلطة، وتحضير البشرية للمعركة الكبرى والتي تضمن لهم العبور الى عالم الخلود). وهكذا توالت الأجيال التي لا تعرف عن الحياة شيئًا، فلا يوجد فكر أو مادة مدرسية في أي مدرسة أو جامعة تُدرّس شيئًا عن ماهية الحياة..(المادية وقسر المادة فقط، الطفرات والطبيعة…والتطور…). ولكن الأمر لم يقتصر على الفكر الديني أو الفلسفي، وإنما على السياسة وعلى علم الاجتماع وعلى الجوانب الأخرى. ومن المثير للسخرية أن يُروّج الغرب للعلمانية ويتبّنى في الوقت نفسه عقيدة دينية تحكم سياساته وحروبة. فما يجرى في العالم من حروب وصرعات هو انعكاس لتلك العقائد الشاذة التي تتبناها تلك القوى التي تحكم العالم من خلال الدول العظمى ..الحرب الحالية هي حرب دينية وإن خُدع البعض بما يُسوّق(صراع النفط والغاز ..وتقاسم العالم …الخ). بالطبع تلك الموارد مهمة لأنها تساعد على مراكمة القوة ..لكن الدافع الأساسي هو الروئ الاسطورية الدينية. لذلك، ليس مهمًا فيما لو حكمت هذة الدولة أو تلك عالم اليوم كاستمرار لنفس السياق . لأن تلك الدول جميعها إلى الآن واجهة لتلك القوى. يتغير العالم فقط عندما تسود المعرفة بحيث يكون من يحمل تلك المعرفة(أشخاص، قوى) قادرًا على العمل لصالح البشرية. وعند ذلك فقط يتغير الواقع، ويتغير نمط التفكير، والصورة الذهنية التي رسخها اعلام عالمي ساذج أو موّجه (وكان الكل يساعد في ترسيخها من خلال تكرار بثها).وعند ذلك فقط نستطيع تحرير الشرق من الهيمنة، والشرق ليس جهة أو اتجاهًا. الحياة، ملحمة ورسالة . الحياة ليست مُقيدة بالمادة. فالمعرفة دين وفكر وحياة وصلاة وتجربة هدفها المحبة.. يتبع