شاعر فلسطيني مقيم في الأردن
عملتُ في صنعاء
مخزنجي قات
اشتغلتُ في عُمان
مربي غلمان
وفي البصرة
دلَّالَ مراكب
في بلاط الرشيد حارساً للروميات
في طهران عبداً للمجوس
في طشقند رئيسًا للشرطة؛
ولما كنتُ أستلم راتبي
آخر الأمر
كانت تنتابني الحسرة
كان دخلي لا يفيض على حاجتي للسرقة،
اشتغلت في الموصل عتَّالاً في سوق الطرشي
لكني اقتنعت هناك
أن الوظيفة قد تطعم خبزًا
لكنها لا تكسبُ عاشقا ثمنَ وردة،
بعت طشقند
وبلاد الهند والسند
غدرت بي أرض الرافدين
ابتعدت عن بلاد الشام
هربت من مصرَ
لم تحتملني المغرب
يممتُ غروب الشمس
حتى حطَّطتُ عصا الترحال في بلاد الأندلس؛
…
أعنتُ ابنَ حزمٍ على أطواقه
تبعت خطى ابن رشد
غنيتُ الموشحاتِ في ملاهي الأمراء
شربت الخمر من أيدي الغانيات
رقصت الفلامنكو في كهوف الغجر
وآخرَ الليل ؛
كنت أجد جيوبي ملأى بالدنانير
فراشي مليئاً بالعطور
وروحي تفيض بالجذل
….
اشتعلت حروب الطوائف
سقطت إشبيلية
غرناطة
سقطت بغداد
وبيت المقدس
تلاشت ممالك الأندلس
بقيت عالقاً في قصائدِ ابنِ زيدون
وخيطان الحرير الدمشقي في ثوب ولادة بنت المستكفي
لم أكُ قادرا أن أخسر آخر قلوعي
من أجل صراع الديكة .
…
( تصير مسيحيا؟)
قال لي الأسبان
-أصير كاثوليكياً، بروتسانتياً
إسبانيا قشتاليًا
أصير عينَ كريستوفر كولمبوس
يدَه اليمنى،
خادمَه، حاملَ خرائطه
أصيرُ جنديًا في جيش إيزابيلا
زبّالا في أزقة قصر الحمراء
كلُّ ما يهمني يا أسبانيا
ألا أفقدَ حليبَ ثدييك السماويين
وثلجَك الأزلي
سأظلُّ هنا تحت شمسك البيضاء
بانتظار طلِّةِ لوركا
كي أُقطِّر كلماتِه بالحناء
أمسح العرق عن جبينه
وقطرات الدم عن فمه !!!!!
عمان/ تموز 2000
من جهة البحر-المؤسسة العربية للدراسات والنشر -بيروت 2004