د . م . عبد الله أحمد
في الحقيقة هذا السؤال إشكالي ؟ ولكن ببساطة يمكن الإجابة عليه بالقول لا …فلا يوجد أي مثال أو حالة خلال التاريخ البشري المعروف يعرض لنا نموذجا لحكم الشعب لنفسه . قد يقول البعض أن التاريخ قد شهد ثورات شعبية كثيرة ومن خلالها تخلصت الشعوب من الاستبداد القائم ….قد يبدو ذلك منطقيا …ولكنه ليس كذلك …ما حدث هو الانتقال من حالة استبدادية إلى حالة أخرى بديلة للحالة الأولي …إي أن الثورات كانت وسيلة لتبديل اللاعبين لا أكثر ولا أقل …ولهذا السبب استمرت الثورات وبشكل غير نهائي ، لان الشعوب لم تكن قادرة على حكم نفسها بنفسها …
ولكن من يحكم إذا ؟ من يحكم هو ثالوث الدين والمال و الايدولوجيا التي تتبناها السلطات الحاكمة في كل مكان، وبالمطلق يحٌكم العالم من قبل القوى المهيمنة على المال وهي بدورها تستخدم الدين والبدع والايدولوجيا لضمان استمرار سلطتها وهيمنتها .
ولكن لماذا كل هذه الفوضى في المشرق والمغرب العربي بالأخص ؟ لعدة أسباب ومنها : الفقر والإفقار، انعدام العدالة وانسداد الأفق ، تغول الدين السياسي ، الأطماع الأجنبية ، والإحباط الذي أصاب الشعوب …
لماذا لا تستقر الأوضاع كما هو الحال في أوروبا وأمريكا وغيرها ؟ الاستقرار يحتاج إلى حد أدنى من العدالة ومن سيادة القانون ، والاستقرار يحتاج إلى إبعاد الدين السياسي لان الدين عامل تقسيم قوي جدا ، والاستقرار يحتاج إلى التنمية وتكافؤ الفرص ..وكل ذلك يحتاج إلى دول مدنية علمانية …وإلا فالأزمات مستمرة وكذلك دوامة الفوضى …
لقد فشل النظام العالمي ولا بد من شيء جديد …فشلت الشيوعية والبرجوازية والليبرالية والنيوليبرالية …ولا بد من انبثاق نظام عالمي جديد ، وقد يكون ذلك بعد أحداث وصراعات عظيمة وفي ظل تطور تقني فائق …ولكن حتى ذلك الحين نقول : لقد فشلت المحاولات البشرية في تحقيق العدالة أو الاستقرار ….لقد فشلنا .