إعداد : د. سمير ميخائيل نصير
*- “مهما حرمتني سأمنحك الثروة”… مثل متوسطي قديم… تخاطب فيه شجرة الزيتون زارعها…
*- “أغنى شجرة في أفقر أرض”… وصفتها ذات يوم عبر تجربتي الطويلة معها…
*- شجرة الزيتون والتربة :
– شجرة الزيتون كغيرها من الأشجار لها متطلباتها المناخية والأرضية والمائية والغذائية… فتجود أكثر عندما تحصل على ما تحتاج اليه من خدمات وعمليات زراعية.
– منذ القدم… انتشرت أشجار الزيتون في بلدان حوض المتوسط… في مناطق ذات تضاريس صعبة… قليلة الاحتفاظ بالماء… أو في ترب ذات نوعية لا تنجح فيها زراعة العديد من أنواع الأشجار والمحاصيل الأخرى… وبالتالي, فهذه المناطق تكون تربتها فقيرة بالعناصر الغذائية المطلوبة لنجاح زراعتها بالشكل الأمثل لتعبر الى مردود اقتصادي مقبول كحد أدنى…
– حتى في الأراضي المنبسطة… السهلة الوصول والخدمة… فان ما يقدم لها بشكل عام… أقل بكثير مما يقدم لأنواع الأشجار الأخرى كالحمضيات على سبيل المثال لا الحصر.
– اليوم… ومع الارتفاع المضطرد لأثمان منتج شجرة الزيتون من زيت وثمار خضراء أو سوداء… بسبب الغلاء من جهة… وازدياد الطلب العالمي على منتجها من جهة أخرى… بعد أن عرف العالم متأخراً الفوائد الصحية الجمة لزيت الشجرة وثمارها… فأنه من الأولى بنا أن ندعو المزارع السوري الى اهتمام أكبر بها وخاصة انها تنتشر في كل مكان في بلدنا وقد اجتاز عددها عتبة 100 مليون شجرة منذ عام 2010.
– ان خدمة ورعاية أشجار الزيتون بالشكل الأمثل, يجب أن يغدو أولوية لدى المزارع… عبر تقليمها المنبثق من شكل نموها وتطورها… وعبر نوعية تخصيب تربتها بحسب حاجاتها الغذائية ومراحل نموها وتطورها السنوي….
– من المعلوم أن خصوبة التربة تعتمد أولاً على النشاط البيولوجي فيها, وثانياً على احتياطيات المواد العضوية والمعدنية المتوفرة. وقد بينت البحوث أنه في غياب النشاط البيولوجي فيها، تقل امكانية الاستفادة ممن جرعات التسميد المعدني كما تظل المادة العضوية في التربة خاملة, مما يمنع تطور العناصر الغذائية إلى أشكال يمكن استيعابها بواسطة جذور الأشجار.
*خصائص التسميد العضوي في البساتين المشجرة :
– السماد العضوي هو سماد طبيعي معقم على شكل بودرة, خال من الآفات الضارة وبذور الأعشاب, مكون من روث الحيوانات (أبقار, أغنام, دواجن) مضافا اليه بكتيريا نافعة وخمائر وفلزات معدنية.
– تعتمد خصوبة التربة أولاً على النشاط الحيوي فيها وثانياً على احتياطيات المواد العضوية والمعدنية.
– ان الحفاظ على أشجار سليمة ومنتجة لثمار جيدة ومرغوبة… يتطلب أن تنمو في تربة صحية غنية بما يكفي من المغذيات…. لهذا السبب فانه في الزراعة العضوية نقوم بتغذية التربة وليس النباتات … لأنه بإغناء التربة نساعد على توفير الوسط الذي يؤمن أغلب احتياجات النباتات وبالتحديد احتياجاتها الخاصة.
– ان الاحتياجات الغذائية للأشجار لا تنحصر فقط بالنيتروجين والفوسفور والبوتاس وانما تحتاج أيضا الى عناصر عديدة أخرى … فهي تعد مستهلكات كبيرة للعناصر الغذائية… كما أنها حساسة لحالات نقص العناصر النادرة (كالبور مثلا) وذلك من خلال مظاهر نمو فروعها وتشكل أوراقها وأزهارها, وخلال عقد وتشكل وتطور ونضج ثمارها…
– ان استخدام السماد العضوي له فوائد جمة على المستويات البيئية (الحد من التلوث) والاقتصادية (زيادة الإنتاجية في وحدة المساحة) والزراعية (خدمات أقل)…
– باختصار… الشجرة المثمرة بما فيها الزيتون تحتاج إلى الغذاء بانتظام وخلال فصول السنة… ويصل احتياجها الى حده الأقصى في أواخر الربيع أي في مرحلة نمو ونضج الثمار… وفي بداية الخريف عندما تعيد الشجرة بناء احتياطاتها.
*- حصانة السماد العضوي للأشجار المثمرة : تأتي الحصانة من كون هذا السماد :
– يعمل على تشكيل تربة دبالية غنية بعناصر غذائية يسهل على جذور الأشجار امتصاصها.
– يقوم بتعديل حموضة التربة (ph) مما يحسن شروط تكاثر البكتريا المفيدة لأنها تنشط في الوسط الحامضي.
– يؤمن السماد العضوي :
آ- تحسين بنية التربة (كالتماسك في الترب الخفيفة) ويحافظ على رطوبتها.
ب- اعادة توازن الأحياء الدقيقة المفيدة في التربة… فتنشط العمليات الحيوية فبها… مما يجعل العناصر الغذائية اللازمة للنبات في متناوله بشكل يسير جدا.
ت- الجودة العالية للمنتج النباتي لأنه يزيد فيه كمية البروتينات التي يحتاجها الأنسان.
ث- خلو المنتج النباتي من المواد الكيميائية.
ج- التقليل الى حد كبير من ظهور الأعشاب التي تنافس النبات على الغذاء والماء وتزيد على كاهل المزارع كلف اضافية لإزالتها… وتجدر الاشارة الى أن الأعشاب يزداد وجودها بنتيجة التسميد بالزبل البلدي الغير معالج بسبب وجود بذور النباتات بشكلها الحي في روث الحيوانات التي تناولتها.
ح- توفير الكثير من العناصر الغذائية الصغرى التي يسبب تدني مستوى وجودها أو غيابها ضررا ملموسا في كمية انتاج شجرة الزيتون كعناصر البور والزنك والنحاس والمنغنيز والحديد.
*- خصائص التسميد العضوي لبساتين الزيتون :
– جرت العادة, أن تضاف الأسمدة العضوية والفوسفورية والبوتاسية في بساتين الزيتون بعد انتهاء موسم القطاف مع الفلاحة الخريفية . أما النترات فيضاف خلال شهر شباط قبل توقف موسم الأمطار.
*- ان هذا التسميد الكيميائي المعدني وبالشكل المتعارف عليه… يختلط فيه الهدر مع الفائدة… وبالتالي لا توفر هذه الأسمدة توازنا غذائيا يواكب احتياجات الشجرة فيبقى الانتاج دوما بين حدوده المتوسطة والدنيا.
– بينت الدراسات, أنه في ظل مناخ البحر الأبيض المتوسط، يتوافق الربيع والخريف مع فترات النشاط البيولوجي العالي للأسمدة العضوية… وبالتالي يتطابق هذا مع شجرة الزيتون, أي خلال موجة النمو الخضري الأولى المقترنة مع الازهار ربيعا… وخلال الموجة الثانية للنمو الخضري المقترنة مع نضج الثمار خريفا.
– يظل تسميد أشجار الزيتون في الزراعة العضوية ميسور التكلفة مقارنة بالعديد من المحاصيل، وذلك بسبب التزامن الجيد الذي لوحظ بين فترات تمعدن المادة العضوية وفترات استيعاب المغذيات بواسطة جذور الشجرة.
– يتم تسميد أشجار الزيتون المنتجة بالسماد الحيوي بواقع 3 الى 6 كغ للشجرة الواحدة وبحسب عمر الشجرة…. في حين تتطلب الغراس الصغيرة 1 الى 1.5 كغ فقط.
– ننصح بالتسميد العضوي من منتصف الشهر الأول حتى منتصف الشهر الثاني, بحكم أن السماد يكون – حين يدب النشاط في الشجرة – مفككا ومخمرا وجاهز للامتصاص.
– ينصح بطمره في الأراضي الكثيرة الميول للتخفيف من الهدر بفعل الأمطار و السيول.
*- هذا النوع من السماد ينتج في بلدنا… حيث اطلعت في محافظتنا على عمل احدى المؤسسات الخاصة التي تنتجه بأسلوب علمي مدروس وهي مؤسسة “سماد المزيرعة Al Mazraa Factory“… ولكم أتمنى أن تنشأ في سوريتنا في مرحلة الاعمار القربية القادمة الكثير من المؤسسات الخاصة والعامة التي تعمل بأسلوب علمي… فتساهم بفعالية في تطوير سبل التنمية لتواكب سورية التطور العلمي المتسارع الذي يسود العالم.