لأنني صلصال سكبت فيه خمرة أسرار هذا العالم لم أسلم نفسي للمجهول ولم أخضع لتصديق المشهد الدنيوي المادي البسيط فقد سرد الليل والنهار على مسامع قلبي قصص الأولين بالعبرة التي أبصرتها علما ودليلا على المسير في الدنيا وهذه العبرة تعاد اليوم بشكل مغاير ولكن المعنى لم يتغير إنه الصراع بين الشر والخير و بت أعلم بأن وجودي مقترن مع آيات الوجود وأيقنت بأنني مزيج من فحيح الجحيم المادي وسمفونية من تراتيل الأبدية النورانية لايفصل بينهما سوى التفكر المولود من قدس العقل المشرق من أسفار التنقيب عن الحقيقة العليا ..ولأنني أبصرت هذا العالم عبر تغرب النفس الضعيفة في عالم التجربة حيث كان النضوج ينمو فكرا مع إحتراق أجنحتي الطرية لتعود و تنمو أجنحة النور و لتنتهي بي رحلة المعرفة إلى الصراع الذاتي بين الأنا العاجزة و الروح المعجزة أي إنني صراع بين العجز والمعجزة وهذه هي الحقيقة ففي ضعفي وجدت نفسي ولهذا علمت بأن من ينقذ نفسي من الزوال هي نفسي وليس غيرها ..
ياصاح :
إن النفس القوية لم تجيء إلى الدنيا كي تتسرب في جحور الإنعزال وتفر من الناس وتلج معابد الوحدة ولم تكن كي تراقب الأحداث وتمزج ذواتها مع القشور وتنسج القصص عن الزوال إن النفس القوية لا تندب أحوالها ولا تعبر الأهوال خشية من المواجهة لأنها تغادر محنة الحاجة والوهن إلى جنة العطاء فهي رسالة وليست نحيب شهوة على شهوات .. النفس القوية جاءت إلى هذا العالم المظلم كي تزرع النور ولهذا فإن الإنسان لايلج مشكلة وحدث ليكون محاربا فقط بل ليكون مخلصا قبل أي شيء لا أحد يستطيع أن يهزم نفسك للحظات إن تخلصت من الأنا الفراغية التي تضج بها الأوهام والتمنيات بينمايؤذن العقل في صدرك حي على العمل المقدس الذي يمنعك من أن تكون مجرد كائن مارق .. إن قرأت هذا العالم بأنه مجرد أجساد تلد أجساد وأنفس تشتهي أنفس فهذه قراءة جثمانية إن لم تكتمل مع الروحانية أي أنك تعرف هذا وتقصي نفسك عنه وبهذا تنتصر وأنت من ينتصر دائما ولا تدرك هذا إن كان العقل فارسا وليس عبدا… وإذ أردت أن تعلم بأنك تنتصر في كل يوم للحق والروح فهذا ما سيجعلك فلكا في عالم السمو وإعلم عندما تعشق الخير بأنك تنتصر وعندما تمقت الحقد أنت تنتصر وعندما تقود نيران معركة إجتماعية إلى الفناء قبل أن تسعى في هشيم قوم ضعفاء النفوس أنت تنتصر .
أنتم تنتصرون دائما ولاتشعرون ولهذا لايشعر أحدكم نفسه بأنه لاشيء بل لكل رسالته ولهذا كونوا حقائق تقوم عليها الإنسانية فلا تجزعوا من الواقع مهما أظهر من العجز لأنكم أنتم المعجزة ..
إمتلكوا أنفسكم ولايصغي أحدكم لأحاديث السراديب لأن العقل يشرق من الآفاق وليس من الأنفاق ..
تمكن من نفسك أيها الإنسان وكن رفيقا لجميع آلامك وإعتني بها وكأنها خراف وأنت راع ..