رسم الجزائريون أمس لوحة فنية جديدة للعالم ، عنوانها ، التلاحم والتآخي والتآزر في أحلك الأوقات ، وضربوا مثلا في التضامن ، حتى وان أرادت بعض وسائل الإعلام من بني جلدتهم التقليل مما حدث ، ونقلها لمسيرة اعتاد الطلبة الخروج فيها كل يوم الثلاثاء منذ شهر فيفري الماضي ، سعيا منها لإثبات انقسام تعيشه الجزائر منذ 10 أشهر ، يصعب التعامل معه خاصة مع رحيل قائد الأركان ، الفريق أحمد قايد صالح ، رحمه الله ، وتناست من يكون خليفته ؟ ، الذي هو من خريج نفس الأكاديمية الحربية بروسيا ، شارك إلى جانبه في حرب الرمال ، وفي الحرب العربية أكتوبر 1973م .
هكذا هم الجزائريون ، لمن لا يعرفهم ، أشداء على الأعداء رحماء بينهم ، يشتد تلاحمهم وتآزرهم في الصعاب فقط ، ويثبتون وجودهم أثناء المحن ، يتجاوزون خلافاتهم ولو كلفهم ذلك التنازل من حقوقهم ، كما لصور التضامن تاريخ متلازم تحفظه ذاكرة الجزائريين ، من الثورة التحريرية إلى حرب الرمال ، إلى العشرية السوداء ، ثم حراك فيفري 2019م .
يجمع الجزائريون على أنهم لم يعيشوا حدثا مثلما عاشوه أمس ، منذ أن ودعوا زعيمهم هواري بومدين رحمه الله ، ، وفيه ظهرت الصورة الحقيقية لبلد الشهداء ، في جانبها الرسمي وغير الرسمي ، بحيث أديت صلاة الغائب ونصبت خيم العزاء في 48 محافظة ، واخرج المواطنون كل ما يملكون لإطعام الوافدين ، وفتحت المحلات والمطاعم والمقاهي وبيوت المواطنين لإيواء القادمين لحضور جنازة قائدهم ، كما سخرت حافلات لنقل المواطنين بالمجان رغم بعد المسافات ، ولم تدفع في كل هذا الدولة فلسا واحدا ، المواطنون صنعوا لأنفسهم عزاء كاملا تقديرا لهذا الرجل الذي وعد بعدم إراقة دماء الجزائريين وكان ذلك وعد وطني مخضرم أوفى بوعده .
مكتب الجزائر / ابو طارق الجزائري