د . عبد الله احمد
من المدهش والمثير ما يقوم به الأعلام وبعض الساسة من توصيف لما حدث (البداية) ، يذكرنا الإعلام وهؤلاء دائما أننا ضحية للمؤامرات وأن بؤسنا ناتج عن ذلك مع أننا تجاوزنا مرحلة “المؤامرات ” فنحن نواجه الحرب ، ولا أحد يتحدث عن كيفية الخروج من الحرب ، وعن كيفية تحصين البلاد بحيث لا تؤثر بنا مؤامرات جديدة…
إنها الحرب الكبرى ، فأنت مستهدف، وأنا، والجميع ، حرب مركبة ومتعددة الحلقات عسكرية وسياسية وإعلامية واقتصادية ، وهي حرب طويلة ولم ننتصر بعد (ولو ربحنا بعض المعارك) ، والأخطر من ذلك أننا قد نهزم شر هزيمة إن لم نأخذ بعين الاعتبار الأسباب والوسائل التي استخدمت ضدنا، وما لدينا من وسائل وأدوات لتحقيق “النصر” والخروج من الأزمة ..
علينا الاعتراف أننا في وضع سيئ جداً وأن الحصار الاقتصادي القاسي قد جعل حياتنا وخياراتنا صعبة جداً ، وأن العدو ألذي نواجه قوي ويريد تمزيقنا وتحويلنا إلى أشلاء كما دولنا من المحيط إلى الخليج والواقع يقول أن (سورية مازالت في خضم الحرب …ومحاصرة ، العراق يتحول إلى أشلاء ولبنان يغرق في الفوضى …..) ولكن هل يمكن المواجهة ؟
بكل بساطة يمكننا المواجهة فلدينا من الوسائل والأدوات ما يمكننا من الخروج من هذا المأزق ، والبداية تكون بالاعتراف بالواقع وهنا لا بد من ذكر بعض من النقاط التي قد تحدث فرقاً .
الجميع يدرك أن العودة إلى ما كان عليه الوضع في 2011 يحتاج إلى عقود(عقد أو أكثر) من الزمن ولو انتهت الحرب اليوم ، والجميع يدرك أنه ليس هناك عصا سحرية لإصلاح الوضع بشكل سريع ، ولكن يمكن إحداث فرق …والشعب يريد أن يرى هذا الفرق…
إلا أن إحداث فرق غير ممكن بدون شفافية …
– لا يمكن إحداث فرق من خلال التصريحات والتلميحات غير المسؤولة فالاستهانة بعقول الناس جريمة ..
– لا يمكن إحداث فرق من خلال برامج وحلول غبية تؤدي إلى صناعة أزمات جديدة (فالمعونة الحكومية لا يجب أن تكرر حلول البطاقة الغبية التي فشلت في معظم دول العالم ، وإنما يمكن تقديم المعونة المادية النقدية وبشكل مدروس ، والخيارات المقترحة “سلة غذائية” تعني زيادة العبء على الناس بدل تخفيف هذا العبء)
– لا يمكن إحداث فرق من خلال تعبئة لا يمكن صرفها بشكل يقدم قيمة مضافة للمصلحة الوطنية، وليس من خلال مشاريع غير مدروسة (مشاريع ومشاريع …لا أحد يعرف كيف يتم اختيارها ؟ ما هي الأولوية ؟ هل الأفضل مراقبة سيارات النقل السرافيس بحلول غير قابلة للتطبيق حاليا (GPS) أو الأفضل محاربة الطين وترميم الطرقات؟
لماذا لم يُسٌخر الإعلام لكشف ما يجب كشفة من خلال صحافة استقصائية ؟ لماذا لا يقيم الإعلام ندوات حول الحرب الاقتصادية وخطط الاليغارشية المالية الدولية والداخلية وكيفية التصدي لهم ؟
لماذا لا توجد تعبئة إعلامية لدعم الجيش بشكل محترف ؟ ماذا عن معركة ادلب والشرق السوري؟ وما هي المشكلة إن تم الضغط على الحلفاء إن دعت الضرورة لذلك ؟
– علينا تشجيع الصناعة والزراعة وتقديم التسهيلات وابتكار حلول اقتصادية لوقف التدهور في القيمة الشرائية
– الاهتمام بالإنسان وبالخدمات ابتداءً من :
– إزالة أثار “الأذى” الذي تسببت به حلول الوقود والغاز الفاشلة وابتكار حلول جديدة
– إزالة المخالفات من الطرقات وتحرير الممرات للمشاة ومحاربة الطين الذي يجتاح الطرقات …
– تفعيل الإعلام وليس سرد الأخبار المملة (إعادة الثقة بالإعلام)
– القضاء وإصلاحه ومحاربة المفسدين وتجار الأزمات
بكل الأحوال، الحرب طويلة والأزمة قاسية ، يمكننا الخروج بكل تأكيد فسورية غنية بشعبها وقدراتها ومواردها، و تبدأ الأزمة بالتراجع أيضا مع تحرير ادلب (علينا الأخذ يعبن الاعتبار أن العدو يحاول منع ذلك )، فانتهاء الأزمة بشكل كامل يحتاج إلى تسويات إقليمية ودولية كبرى
قدرنا أن ننتصر …والبداية هي كسب الناس وتوجيه هذه الطاقة الهائلة لتغير الواقع الحالي من أجل بناء سورية الشامخة أبداً…