من سورة التراب يحاكي التراب بدأت ترانيمها
بفلسفة الخصب الدافق كأنوثتها الصاعدة
نحو أعماق النفس إذ قالت:
تحررت من قيد الصلصال
تشظى كلي
على بوابة الأحلام
أزهرت ذراتي..
سرت على درب التبانة
كل ذرة حبلى بنجم .
هاهي شاعرتنا اليوم تقف في مجرة الحرف لتقول
أنا النظرية الأخرى التي قالت ليس
كل الأدب الأنثوي معرض للنقد
الأدبي كما هو معهود –
وكأنها تقول أنا هنا في محراب الفلسفة..
أعود بكم الى ذاتي أنثى الخصب والجمال..
أنثى لم تغضب الآلهة..بل العكس هي التي حازت على ثقة السماء والماء والتراب.
ليست كالباقيات اللواتي وقفن خلف غيمة الحيرة يكتبن العشق للآخر –
هذا مايصل اليك لحظة تقرأ نصها((أرواح هائمة))
إذا” نحن الآن أمام لحظة شاعرية –لم يكن همها رتابة اللغة بقدر ماهمها قضيتها بل قضاياها الفلسفية بدء من بدء التكوين
مرورا” بموطنها وعاصمته ((سيدة الياسمين))
فهي قالت لهم ونحن لها قائلون:
طوبى لأصابع فاضت
سخاء”
تضوعت منها رائحة طهر الأديم
بردا”على القلوب
كيف لا وهي ابنة الصحراء التي ماعادت في طقوس البيئة واحة”عاق
كيف لا وهي ابنة قلعة الشماميس ابنة الفينيق الناصعة كحبات البرد في أواخر صيفٍ ماطر ..
وهي التي شربت وطنها من ثدي أمها
حينما خانتها الأيادي الجاحدة
فضحك لها الخبر
ربما وطنها وطن” جغرافي المقام ..وربما هو لغة”..وربما هو فكرة ..
وربما هو حياء بمقام جليل .. ولكن من بين كل ماسبق تبقى سلمية واحدة من مدارك عشقها وموطنها لذا أنسنتها
فقالت فيها وبها:
الصبية التي أهدت عباءتها
لجبل البلعاس
وتعمدت بضوء القمر
في حمام روماني
-نحن اليوم أمام شاعرة تقول ماأجمل البكاء
حينما يكون سر سعادتها ..
((لاتحتاج حواء لتبرير بكائها المسبق))
فهل هي تبكي وطنها أم سعيدة به . لم يكن هذا طارئا” في ديوانها بل كان أساسا” لعملها الإبداعي فمن عناوينها ((سيدة الياسمين -ياوطني -ياجيش سورية البطل -قلوب مهاجرة -السواد – الجندي مارسيل ….الخ))
طبعا” والقائمة تطول فكل عناوينها العاشقة ترى الوطن باذخ الحضور طاغي البهاء .. كدمعة يتيمة على خد مالح.
فكما هي أفكارها حبلى بأول لهفة للمجهول وأول صرخة للحياة ..
هي ذاتها تلك العاشقة التي تعاني من ذكورية المعنى ..
((سقاها حتى أينعت وأزهرت
ثم تناولها كورقة خضراء))
هي إذا” ترفض أن تمنح ذبولها لجائع أرعن
لذا حاولت أن تعلمه الارتقاء الى مستوى قلبها بروحانية عاشق بدرجة مترف
فقالت : عيناك تختصران سر الكون
ولاشيء آخر
وعندما أصل الى أطراف الديوان الأخيرة
أعود الى نقطة البداية حيث المفردات غارقة حد الثمالة :
وتأتي القصيدة
بسحر بيانها
تزفها بلاغة البيان
ويعود الصمت لنقطة البداية
لذا يمكن القول إن روحانياتها سلسلة متسلسلة من فكر تجذر في التفكر والتأمل في خلق الله
كحال الدراويش الذين يغمضون عيونهم ويفتحون قلوبهم وأياديهم مرفوعة للسماء كما الرجاء ..
كقاعدة من قواعد العشق الأربعون في مولوية الصفاء والارتقاء :
في العشق تضاف الى أركان
الإيمان
كلمة أخرى ..
عموما” :لصهيل قصائدها ..
جموح أرعن يجتاح الفؤاد .. برغبة قارئ أنيق
من فريد عباراتها أقتطف
-أمشط عشب الانتظار
-أسنان الوقت
-عمري تسعة فناجين قهوة
وتستمر قافلة الدهشة وأنت تقرأها ..
على قداسة اللحظة
وأنا أقرأها بخوف وقلق فكل عبارة
عندها ..منظومه حيرة ..وكل موسيقا ..
إيجاز” مختلف ..
وكل عنوان وطن” لامتناهي من الحكايا الخضراء
ديبة الشعار ..شاعرة .. تمكنت من احياء تموز الكلمات من عالمه السفلي ليكون بمرتبة إلهٍ صغير..كبير
له جهات الحب الست.. اسمه ديوان
عنوانه 《ترانيم روح》
علي نفنوف