خلف عامر
شوارع المدن التي دهمتها “الكورونا” دون سابق إنذار، تدور فيها عجلات السيارات كأجوبة كسول في امتحان شفهي.
أمشي مهزوماً ومهزوزاً، تلفظني الأرصفة، تفرّ مني، وكأنها تقول في سرها بخوف :” لاتقترب مني، أيها الموبوء، أحسّ رئتك تحمل عدواً لامرئياً.
يااااااه… الطرقات تئنّ من ثقل خطواتي، ماهذا الإحساس الغريب.؟!
صوت حفيف أوراق الأشجار على ضفتي الطريق، يضغط عليَ، يرميني في مدارات التأويلات المخيفة، يبث رعبا فيَّ لاطاقة لي على احتماله.
أشعر أن أصوات الأوراق الصادرة بفعل عربدة الريح المجنونة تحذرني ألّا أتجاوز مسافة الأمان، لأنّها تتهمني كإنسان بخراب المكان.
ياإلهي ماذا حَلَّ ببصري.؟!
الشمس فوق رأسي بشكل عمودي، ورغم ذلك ألبستني الشوارع رؤية سوداوية لم أشهد مثلها منذ أكثر من نصف قرن، ولم أقرأ عما يشبه هذه الرؤية حتى في زمن اجتياح الطاعون.
أين فرَّ الضوء.؟!
ماللوهن احتلّ مفاصلي.!
من عَزّل الناس وأبعدها عن الطرقات.؟!
……يتبع ……….