ألم يشر الوباء الذي عم العالم ، إلى هشـاشة الواقـع الدولي الذي تسير به الانسانية ؟
بدلاً من أن يفرض القرن الواحد والعشرون التآخي بين الشعوب ، تستمر أمريكا في القتل
Mohamad Mohsen
قال ترامب رئيس أكبر دولة ، وأقوى دولة ، وأغنى دولة ، في العالم ، مخاطباً ( الأمير ) محمد بن سلمان ، [ السعودية زبون جيد ] هذا القول لا تأخذونه على عواهنه ، بل قلبوه في عقولكم تجدونه هو القانون الذي يحكم العالم في الزمن الأمريكي ، قانون الربح ، وهو الميزان الذي تقاس فيه العلاقات بين الدول ، لذلك جاءت أمريكا بهذا التاجر رئيساً ، وهذا لا يعني أن من سبقه لم يكونوا تجاراً ، أو ممثلين للتجار ، فهذه خاصية بنيوية لا يمكن الحيدان عنها ، يفرضها النظام الرأسمالي ( البراغماتي ) .
فالرأسمالية الأمريكية تعمل على مركزة رؤوس الأموال عند شركاتها الاحتكارية ، والاحتكار يقتضي اغلاق الأسواق العالمية ، في وجوه الشركات العالمية المنافسة ، لأن تكديس الثروات ، وتحقيق الاحتكار ، لا يتحققان إلا بالسيطرة على الأسواق ، والسيطرة على الأسواق تقتضي السيطرة على الدول ، وكلاهما لا يمكن تحقيقه إلا بالحروب المباشرة ، أو الحروب بالوكالة ، والحروب تستجلب الموت ، والموت لا يحرك ضمائر الرأسماليين ، وممثليهم ، لأنه طريق الثراء الرأسمالي الوحيد ، لذلك يقولون هل من مزيد ، ما دام الربح وفيراً .
أما الديموقراطية ، والانسانية ، وشرعة حقوق الانسان ، وكل هذه الألفاظ الرنانة فلا تصرف في أي ميدان ، بل هي شعارات أو لافتات يرفعها الاعلام الغربي التاجر أيضاً ، عندما يمهد لحروب قتل الشعوب ، والسيطرة عليها ، وسرقة طاقاتها .
بل على كل عاقل أن يدرك ، أن الأنسنة ، والتعاون بين الأفراد ، والتقدم الحضاري ، هي كذبة روجها الغرب الرأسمالي ، ففي التشكيلة العبودية ، أو الاقطاعية ، كان الغني يستعبد فرداَ أو أفراداً ، أما التشكيلة الرأسمالية ذات الهوية الأمريكية ، فإنها تسعى لاستعباد العالم كل العالم ، ولم يكن ما سمي ( بالاستعمار ) إلا عملية استعباد لشعوب بأكملها ، والاستعباد من العبودية ، والعبد يحق لمالكه قتله ، أو جلده متى أراد ، وهكذا كان سلوك دول الاستعمار .
وكل من يعتقد أن الرأسمالية الأمريكية قادرة ، على تغيير نهجها القائم على سياسة القتل ، وفرض السيطرة ، ونهب ثروات العالم ، هو واهم ، أو مضَلَلْ ، أو عميل .
لم يكتف الغرب بالاستعمار الاقتصادي ـــ السياسي ، بل تطلبت سيطرته استعمار الشعوب ثقافياً ، ليتمكن من السيطرة عليها ، حيث عمد إلى صوغ تاريخٍ مزور متناقض للشعوب المستَعْمَرة ، ليبقي هذه الشعوب متخلفة ، متصارعة ، قابلة للرضوخ ، وهذا ما نهض به ورسخه المستشرقون ، فزوروا وحوروا تاريخنا ، وألزمونا بتبني ما قالوا ، ولقد فضح المفكر ادوارد سعيد في ( كتابه الاستشراق ) دور المستشرقين ، وتلامذتهم ، في تحريف تاريخنا ، وسرقته .
يجب أن نؤكد أن العالم لن يستمر على هذه التشكيلة الرأسمالية المتوحشة ، لأن استمرارها يعني الامعان في قتل الشعوب ونهبها ، والشعوب المنهوبة مفْقَرةٌ ، والفقر يستجلب الأمراض ( كورونا ، وكل الجائحات ) ، والأمراض تجلب الموت ، إذن اننا نعيش حضارة الموت للشعوب الفقيرة ، واحتكار المال ، والعلم ، والسلاح ، بيد أمريكا واستطالاتها ، ومن بيده كل هذا يملك قيادة العالم ، لذلك كان على العالم أن يناضل لإنهاء القطبية المتفردة الطاغية .
وما انتشار الوباء بهذه الشاكلة ، وسبل مواجهات الدول له ، كل منها بشكل منفرد ، إلا صورة فاقعة لهذا العالم الرأسمالي المضطرب ، والمتصارع ، والمنقسم ، والهش ، والذي أكد فردانية الدول الرأسمالية ، وفقدان التضامن ، وضمور الاحساس بالإنسانية ، الذي كان يقتضي التعاون الوثيق بين الدول لمواجهة هذا الوباء الخطير .
انه نظام عالمي أمريكي متوحش ، وكلمة التوحش قاصرة عن وصف السلوك الأمريكي تجاه العالم ، انها غول يأكل الحضارة التي ساهمت فيها كل شعوب الأرض .
وقد نجد في المستقبل تصارع بين الشركات على احتكار الدواء ، وبيعه بأسعار خيالية ، وبذلك يكون الوباء مهدداً لحياة شعوب العالم الثالث ، في الوقت الذي يكون مصدر ثراء للشركات الأمريكية على وجه الخصوص .
هذه التشكيلة الرأسمالية ، تتطلب كما قلنا تكديس الثروة ، بتواتر متوالية هندسية في الشمال ، وافقار شعوب الجنوب بمتوالية هندسية أيضاً ، هذا الثراء الفاحش هو من دم الشعوب الفقيرة وعرقها ، كما قال المفكر (فرانز فانون) .
………………فهل هذا الوباء ، يسهم بفضح التاريخ الأمريكي الأسود ؟؟؟؟؟