التفسير الحرفي للقرآن ، ووقف الاجتهاد ، وقراءة الحاضر على ضوء زمن الفقهاء
فلا خلاص ، ولا انتقال إلى المستقبل ، إلا بعد تحديد تلك الكمائن التاريخية ، ومن ثم تجاوزها .
( 3 )
المحامي محمد محسن
نعم سؤالين بِكرٌ ، والجواب عليهما كمن يسير في أرض من الشوك ، ألا وهما : [ أين مكامن الفقه التحريفي المغلق الذي يدفع الملايين من المسلمين للانتحار ] و [ أليس هو ذات الفقه الذي طوره الغرب ، لينتج على أساسه ملايين من القتلة العملاء ] .
الجواب على هذين السؤالين يتطلب : معرفة ذلك الفقه الأسود ، والدلالة عليه ، ومحاولة تحديد مكامن التحريف ، والنكوص إلى الماضي ، وقياس الشاهد على ضوء الغائب .
الجواب من أهم الغايات التي تتطلبها مرحلتنا الزمانية هذه ، الساعية نحو التغيير والتجاوز .
لذلك كان المهم أولاً : الوصول إلى ( المناخ الديني ) ، الذي تمكن المستعمرون من خلاله اصطياد مئات الآلاف من المسلمين ، من كل عشوائيات العالم ، وقام بتجنيدهم وزجهم في أتون التوحش الارهابي ، لقتل ابناء جلدتهم .
ذات المناخ الذي جعل شيخاً ، يغلق عقول هؤلاء المتوحشين بالضبة والمفتاح ، ويدفعهم إلى الانتحار ، بكل رغبة وإيمان ، ويبرر لهم أعمال ( الذبح ، والحرق ، والاغتصاب ، وغيرها ) بآيات من القرآن الكريم ، أخرجت من سياقها ، أو بقول فقيه .
هاتان المهمتان يستدعيان البحث في عمق التاريخ ، سعياً لمعرفة وتحديد تشابكات هذا الفقه ، وامتداداته ، ومدوناته ، التي شوهت الاسلام ( الرحمن الرحيم ) وحرفته ، وحولته إلى دين الارهاب والقتل المأجور ( الأجر الروحاني على الله !!) ، والأجر المادي تتكفل فيه الدول ( الاسلامية !!) .
إذن :
أولاً ـــ من أين جاء فيروس ( التبعية العمياء للشيخ ) ؟؟
انه تقليد موروث من عمق التاريخ ، الذي انتقل في جينات المسلمين ، منذ أن كان رجال الدين المسلمين الأوائل ، يعملون ( برتبة فقهاء ) في قصور الخلفاء والسلاطين ؟؟
يأخذون الأعطيات المجزية ، ثمناً للفتاوى ، التي تمجد الخليفة ، وتدعو له ، وتبرر سلوكه ، وتُشَرْعِنْ الأفعال الاجرامية التي يقترفها ، والمعادية لأبسط المفاهيم الاسلامية ، تحت ( فتيا ) ( الانصياع للأمير ولو كان فاسقاً ) .
من هنا ومن هذه ( الفتيا ) ، دخل الشيوخ ، إلى عقول البسطاء ، وحولوهم إلى قطعان للقتل .
لذلك قلنا : أن التبعية وسهولة الانقياد إلى شيخ مأجور ، ليس جديداً ، وليس طارئاً ، بل هو ارث تاريخي ، يذهب عميقاً في التاريخ ، إلى عشرات القرون ، ، ولقد تمكن الغرب من ادراك هذه الخصيصة ، فَسَهُلَ توظيف هؤلاء العبيد ، لتدمير أوطانهم ، وارتكاب الفظاعات والمجازر ضد شعوبهم .
ثانياً ـــ ؟؟ ما هي القواعد الفقهية المطلوب الإضاءة عليها بهدف ( الحوار والتجاوز ) ، والتي شكلت البيئة ، التي سمحت بظهور هذه الفطريات ، على جسد الاسلام الحنيف ؟
ليس غايتنا من هذا الجهد : الحفر بمعول العلم لتهديم الأساسات الدينية ، بل فتح النقاش العاقل ، لتحديد الكمائن الفقهية التي نفذ منها التحريفيون ، واشتروا وباعوا .
أهمها :
1ــــ التفسير الحرفي للقرآن الكريم .
هناك آيات محكمات حددت مفاهيم ( الشرع الاسلامي ) وقيمه الروحية وهي أم الكتاب ، يجب على المسلم التسليم بما جاء بها من عرفان ، وقيم انسانية وروحية ، .
وهناك آيات ( مدنية ) نزلت جواباً لواقعات معينة ، البعض من ( الفقهاء ) يخرجونها من سياقها ، ويفسرونها وفق المقاصد والغايات التي يبغونها ، للسيطرة على البسطاء ، ومن ثم اقتيادهم حيث يريدون .
2 ـــ ( وقف الاجتهاد ) ، يعني إيقاف التاريخ عند زمن اصدار ( الدونات الفقهية ) ، والعيش في الحاضر ، في زمن الفقيه المجتهد ، وحل جميع القضايا الحياتية ، على ضوء ما ( قاله ) و( سلكه الفقيه ) قبل ألف عام ، وكأن الزمن في ثبات .
3ـــ ( الأخذ بالقياس ) ، قياس ( الشاهد على الغائب ) ، أي البحث عن حل لقضية راهنة ، تعاش الأن ، فيما قاله فقيه قبل عشرة قرون في واقعة مشابهة ، ومن لا يأخذ بذلك الاجتهاد ، يعتبر فاسقاً .
باعتقادنا من هذا الفهم المغلق ، تشكلت القاعدة الفقهية ، التي يستند عليها ، شيوخ الارهاب ، في دفع ملايين المسلمين إلى الانتحار ، ومن هذه الأرضية أيضاَ ، نفذ الغرب ، وحول الملايين من المسلمين ، إلى عملاء ، يوظفهم حيث يريد .
.
[ لذلك ليس المطلوب عصرنة التراث : بل دراسته وفق تاريخيته ، ومن ثم تجاوزه ، والخروج من الماضي إلى الحاضر ، والتعامل العقلاني مع الدين الحنيف ، وفق غاياته الانسانية النبيلة ، والسير وفق ما قدمته الحضارة الانسانية من علم ومعرفة ]