غياث علي جوني
عادَني الشَّوْقُ إِلى الأَمْسِ وَكَمْ
هاجِسُ الأَمْسِ بِبالي يَخْطُرُ
هَلْ لِأَنَّ الْيَوْمَ يُخْزي فِكْرُهُ
فَالنُّهَىٰ قَدْ أَجْدَبَتْ لاتَفْكُرُ ؟
أَمْ لِأَنَّ الْعَذْبَ مِنْ عُمْري هَوَىً
ظَلَّ في النَّبْضِ سِراجاً يُزْهِرُ ؟
أَنا في الحالَيْنِ مُلْتاعٌ جَوٍ
لِلْخَوالي، طَيْفُها لا يَهْجُرُ
أَشْتَهي الحُلْمَ الَّذي عِشْتُ كَما
يَشْتَهي ظِلَّ الغَمامِ المُصْحِرُ
يازَمانَ الْوُدِّ هَلْ رُجْعَىٰ إِِلى
زَهْرَةِ الْقَلْبِ وَناسٍ أَزْهَروا
لَمْ تَكُنْ –مَعْ قِلَّةِ السَّعْدِ–بِهِمْ
فُرْقَةٌ بل لَمُّ شَمْلٍ يَجْبُرُ
عَشِقوا الأَرْضَ وَقالوا حِكْمَةً
لَيْسَ مَنْ كَدَّ لِعِزٍّ يُقْهَرُ
وَإِلَىٰ مِنْ لِمْ تَكُنْ رَبَّ السَّما
إِنَّما أُمٌ رَؤوفٌ تَسْهَرُ
إِنْ بَدا لِلَّهِ–عُذْراً– مَظْهَرٌ
كادَ فِيها بِجَلالٍ يَظْهَرُ
أَيْنَ مَنْ سَوَّوْا عُقولاً وَبَنَوا
أَنْفُسَاً حَرَّىٰ لِثَرٍّ يَغْزُرُ ؟
َوَتَجَلَّىٰ العِلْمُ بُرْدَىٰ عِنْدَهُمْ
يَتَسامَىٰ لِلْعُلا مَنْ تَسْتُرُ
كَلَّلَتْ أَرواحَهَمْ وُرْدُ الرُّبَىٰ
وَنَدَىٰ مِيْراثِهِمْ يُسْتَقْطَرُ
كانَتِ النَّجْوىٰ حَكايا وَرْدَةٍ
ضَمَّها الغُصْنُ نَدِيَّاً يَفْخَرُ
نَثَرَتْ أَطْيابَها مَزهوَّةً
ترْتَوي مِنْ عاشِقٍ لا يَغْدِرُ
كَمْ لَثَمْتُ الحُسْنَ مُشْتاقاً لَهُ
كَاشْتِياقِ الجَّذْعِ نَسْغَاً يُنْضِرُ
وَطَوافاً طُفْتُ عُمْراً حَوْلَهِ
كَطَوافِ الْحَجِّ لكِنْ أَطْهَرُ
كَمْ سَهِرْنا في لَيالٍ أَقْمَرَتْ
وَالْعَليلُ النَّفْحِ مِسْكٌ يُنْثَرُ
نَعْتَلي الرِّيْحَ بِأَحْلامِ الصِّبا
وَلِصُبْحٍ بِالتَّمَنِّي نَسْمُرُ
في خُشوعِ اللَّيْلِ يَحْلُوْ نَغَمٌ
صاغَهُ النَّايُ طَروباً يَأْسِرُ
غَارَ في الرُّوحِ ، لِتَحْيا فَرْحَةٌ
في مَغارِ النَّفْسِ كادَتْ تُقْبَرُ
يازَمانَ الخِلِّ مَهْما وَصَفَتْ
فيكَ أَشْعارُ الهَوىٰ لاتَحْصُرُ
أَنْتَ في البالِ وَقَدْ آلَمَني
غَدْرُ إِخْوانٍ وَمَجْدٌ يُهْدَرُ
خَرَّبوا العْيْشَ بِأَرْضٍ غُرَّةٍ
وَرِثَتْ عَنْ كابِرٍ ما يَكْبُرُ
ياجَميلاً أَنْتَ في عُمْري كَما
هو في لَوْنِ الحَياةِ الأَخْضَرُ
سَأُ ناجيكَ وَقَحْطانُ غَدا
وَجَعَ الرُّوحِ وَقَلْباً يَقْطُرُ
وَأَمانِيَّ بِلادي أَوْقَدَتْ
شُعْلَةَ النَّصْرِ وَفِكْرٌ يُثْمِرُ