ليس بدافع “رهاب المثلية” يقوم الاشتراكيون بتركيز انتباههم على تلك التناقضات التي تهم الطبقة العاملة بأكملها في نضالها من أجل الاشتراكية.
ترجمة: علي ابراهيم
10 حزيران/يونيو 2023
في الصورة السفيرة البريطانية لدى أوكرانيا جوديث غوف وهي تشارك بمسيرة للمثليين. إنّ تواجدها في معرض برايد كييف 2017، يبين كيف تستخدم البرجوازية حقوق المثليين حيث زعمت أنّ هذه المسيرة “خطوة أخرى إلى الأمام من أجل المساواة في أوكرانيا”.
هذا النص مقتطف من خطابٍ ألقاه أحد أعضاء اللجنة المركزية أمام المؤتمر الثامن للحزب في شهر أيلول/سبتمبر (الحزب الشيوعي في بريطانيا (الماركسي-اللينيني) من المترجم).
كان الخطاب جزءاً من نقاشٍ طويل حول موضوع سياسات الهوية بشكل عام ونشاط مجتمع الميم على وجه الخصوص. في نهاية المناقشة، تم تبني اقتراح اللجنة المركزية الطارئ بشأن سياسات الهوية بأغلبية ساحقة من قبل المؤتمر. كما تم التصويت بأغلبية ساحقة ضد الاقتراحات الأخرى حول هذا الموضوع، والتي طالبت الحزب بتضمين النضال من أجل مجتمع الميم في برنامجه.
*****
بادئ ذي بدء، أود أن أتطرق إلى قضية لماذا نعطي الأولوية لمسألة اضطهاد المرأة ومكافحة العنصرية ولا نعطي قضية حقوق المثليين نفس الأولوية.
الجواب على ذلك واضح ومباشر. إنّ حزبنا موجود من أجل دعم مصالح الطبقة العاملة كطبقة، ولمساعدتها في الإطاحة بحكم الطبقة البرجوازية وإقامة حكمها الطبقي. في هذا السياق، فإنّ مسألة المثليين ليست مسألة طبقية.
إنّ اضطهاد المرأة، مسألة طبقية، لأنه عندما انقسم المجتمع إلى طبقات، ونتيجة لذلك، أصبحت النساء عبيداً للرجال في البيوت، والطريقة الوحيدة للتخلص نهائياً من هذا الوضع تكمن في إلغاء الطبقات. لذلك فإنّ مصالح النساء التي تنتمي للطبقة العاملة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بنضال الطبقة العاملة ككل من أجل تحررها.
إنّ تحرير المرأة قضية طبقية 100٪.
كذلك فإنّ العنصرية هي أيضاً قضية طبقية ترتبط بالإمبريالية. فمع انتقال الإمبريالية إلى جميع أنحاء العالم، ومن أجل حشد العمال البيض في بلدانهم لمساعدتها في اغتصابها للعالم بأسره، برزت قضية اللون: “حسناً، كما تعلمون، هؤلاء الأشخاص هم من السود، وهم أقل شأنا. ” ولكن، إذا استمر العمال البيض في حمل مثل هذه الأحكام المسبقة، فسيكون من المستحيل تحقيق وحدة كافية في الطبقة العاملة كي تتمكن من الانتصارعلى سلطة الحكم البرجوازي.
هذا هو السبب في أنّ مسألة العنصرية هي إلى حدٍّ كبير قضية طبقية.
إنّ مسألة كون بعض الناس غير مرغوب فيهم من قبل الآخرين المختلفين قليلاً ليست مسألةً طبقية. نحن لا نوافق على أن نكون لئيمين مع الأشخاص المختلفين. لا نوافق على السخرية من الناس لأن لديهم أرجل خشبية أو لأنهم مختلفون بأية طريقةٍ أخرى. يميل الأمر إلى أن يكون سمة من سمات الطبيعة البشرية، لكننا بالطبع نعارض أن يتعرض الأشخاص للاضطهاد لكونهم مختلفين قليلاً عن المعيار.
أقلية فقط من الناس هم من المثليين، وأقلية صغيرة جداً من الناس يعانون من القلق الجنسي. ومع ذلك، هؤلاء الناس غير مؤذين للمجتمع وليس هناك حاجة على الإطلاق لاضطهادهم.
لقد اكتشفت البرجوازية الإمبريالية الغربية فجأة واعتنقت حقوق المثليين والمتحولين جنسياً، وهي التي كانت تعارضها بشدة إلى الأمس القريب، لدرجة أنّ الذين يقومون اليوم أبطرح دنى تساؤل حول أكثر المطالب سخافةً لأولئك الذين أعلنوا أنفسهم نشطاء مجتمع الميم هم من يتعرضون للمضايقات.
تكمن مصلحة البرجوازية في حماسها المكتشف حديثاً تجاه حقوق المثليين في أنها يمكن أن تستخدمها لمعاقبة البلدان المضطهدة التي تتمسك بالأحكام الدينية التقليدية بشأن هذه القضية حين لاتنصاع لتلبية المطالب الإمبريالية.
وغني عن القول أنّ ضراوة هجوم “حقوق الإنسان” هذا لا تقع أبداً على الدول العميلة للإمبريالية مثل المملكة العربية السعودية، بل فقط على تلك الدول التي تقاوم الهيمنة الإمبريالية. وبالتالي، يمكن أن يؤدي الهوس المفرط بحقوق المثليين إلى دفع الغافلين نحو دعم الإمبريالية ضد الحكومات المعادية للإمبريالية.
لكن، بالعودة إلى مسألة مطالب من نصّبوا أنفسهم نشطاء مجتمع الميم. فعلى عكس الأشخاص العاديين الذين يصدف أن يكونوا مثليين أو متحولين جنسياً، هم ليسوا سعداء بمجرد السماح لهم بأن يعيشوا حياتهم في سلام ودون تمييز؛ لإنّ الأمر بالنسبة لهم ليس مجرد مسألة رجال ونساء يريدون أن يتم قبولهم على الرغم من اختلافهم.
بالنسبة لمن يسمون بالنشطاء، الأمر يتعلق بالذهاب إلى أبعد من ذلك، إلى حد العبثية. يريد نشطاء المتحولين جنسياً منا، على سبيل المثال، تشجيع الأولاد الصغار والفتيات الصغيرات، الذين يفضلون أسلوب الحياة الذي يقدمه المجتمع للأشخاص من الجنس الآخر على ما يقدمه للشخص الذي يتوافق مع جنسهم، تشجيعهم على القيام بعمليات جراحية من أجل الظهور بمظهر شخصٍ من الجنس الآخر.
مؤخراً كنت أقول لرفيقةٍ أخرى أننا، أنا وهي، عندما كنا في سن الثامنة والتاسعة والعاشرة، قمنا بقص شعرنا وأردنا أن نكون صبياناً؛ أردنا بشدة أن نكون أولاداً. حسناً، كما تعلمون، في تلك الأيام كان من المقبول أنّ بعض الفتيات يرغبن في أن يصبحن أولاداً، ولم يكن أحداً يعتقد أنّ الأمر غريب على الأقل.
ومن الأمثلة على ذلك شخصية جورجينا (جورج) في كتب إنيد بلايتون الخمسة الشهيرة. كان يطلق عليهن اسم المسترجلات وكان من المفروغ منه أنهن سوف يكبرن وينسين الموضوع، وهو ما فعلنه في الغالب. بشكلٍ عام، كانت هؤلاء الفتيات عند بلوغهن سن البلوغ أكثر من سعيدات لكونهن فتياتٍ وليسوا فتياناً، وأن يكون لديهن أصدقاء وليس صديقات. أقلية صغيرة فقط سيكون لديها قلق حقيقي حول نوع الجنس.
كان الأمر بالطبع أصعب بكثير بالنسبة للأولاد الصغار الذين كانوا يفضلون أسلوب الحياة الذي كان يقدم للفتيات الصغيرات، وكانوا بلا شك يتعرضون لضغوط لإخفاء هذا التفضيل، ولكن لم يقل أحد أيضاً أنّ سن البلوغ سيغير كل شيء بالنسبة لمعظمهم.
في الوقت الحاضر، يتم تشجيع أية “فتاة مسترجلة” على التفكير: “حسناً، قومي بإجراء عملية، خذي هرمونات، ليكن لديك امتداد صناعي” – مثل أي طفلٍ صغير. بصدق فإنّ ذلك من شأنه أن يدمر حياتها. لو حدث ذلك معي وسُمح لي بتلقي العلاج بالهرمونات لكي أبدو صبياً أكثر بينما أنا فتاة، لكان من الممكن له أن يدمر حياتي.
نريد أن نمثل الطبقة العاملة بأكملها، بما في ذلك الأشخاص الذين قد يصدف أنهم من مجتمع الميم. إنّ عدم قبول الأمورالعبثية التي يروج لها “النشطاء ” الذين نصّبوا أنفسهم يعني العمل من أجل المصالح الحقيقية للطبقة العاملة، بما في ذلك أولئك الذين يصدف أنهم من مجتمع الميم، وليس ضدهم، ولكن بصدقٍ أقول إنّ مثل هؤلاء “النشطاء ” قد يؤمنون بالسخافات التي يروجون لها.
في الواقع، لدى الطبقة العاملة ككل الكثير من الفطرة السليمة، وسيكون موقفهم هو: “أنا آسف الرجل رجل والمرأة امرأة ولن تتمكنوا من تشويش تفكيري . إنّ أيّ حزبٍ يدّعي أنه حزب جدّي، لكنه يتوقع في الواقع أن يصدّق العمال أنّ رجلاً كامل الذكورة ولم يقم بإجراء أية عملية جراحية هو في الحقيقة أنثى ويجب السماح له بالدخول إلى غرف تغيير الملابس النسائية، سوف يكون مثاراً للسخرية وسوف يقال له: “انظروا، إنه تائه. هذا حزب غير جدّي. هذا ليس حزباً يمكنني الوثوق به لتمثيل مصالحي، للإطاحة بالرأسمالية والحصول على حياة أفضلٍ للجميع – بما في ذلك المثليين “.
في الكفاح من أجل مصالح الطبقة العاملة ككل، من الواضح أنّ المثليين سيستفيدون أيضاً. سيكون وضعهم أفضل بكثير إذا كان لدى الجميع عمل. لن يتمكن المثليين من القول: “حسناً، أنا لست قادراً على الحصول على وظيفة بسبب ميولي الجنسية.” إذا كان الجميع يتمتعون برعاية صحية جيدة، فلا يوجد شيء خاص بالمثليين. يمكننا أن نقول بصدق أنه في ظل الاشتراكية لن يكون هناك “حقوق للمثليين” لأن الجميع سيكون لهم حقوق كاملة؛ نقطة انتهى.
النقطة الأخرى المزعجة للغاية بشأن الطريقة التي يتصرف بها “نشطاء” مجتمع الميم، أولئك الذين يدفعون بهذه الأيديولوجية، هو أنه لا يُسمح لك بأية معارضة. في اللحظة التي تختلف فيها معهم، تصبح “فاشياً”. تُستخدم كل أنواع الكلمات الفظيعة لوصف حقيقة أنك لا توافق معهم. هل هذه هي الطريقة التي نريد أن نمضي بها؟ هل هذه هي الطريقة التي تكسبون بها القلوب والعقول؟ لا يمكننا أن نناقش; ولا يمكننا حتى رفع الصوت؟
في الآونة الأخيرة كان هناك جدال بين المرشدات. تم إخبار المرشدات أنّه يحق تماماً لأيّ رجلٍ، ولو كان مشعراً ويمتلك كافة الملحقات الذكورية الضرورية، يعرّف نفسه على أنه “امرأة”، اصطحاب الفتيات الصغيرات في رحلات تخييمٍ دون أيّ إشراف.
الآن، هل يمكنكم حقًا القبول بعدم السماح لأي شخص بالاحتجاج على ذلك؟ من غير المسموح لأحدٍ أن يقول: “حسناً، أنا آسف ولكني لست سعيداً بذلك. أعتقد أنّ الرجال هم في الواقع رجال، ولا أريد أن تتعرض الفتيات الصغيرات للخطر الذي يمكن أن ينتج عن ذلك. أنا متأكد من أن هذا الشخص بالذات هو شخص محبوب، ربما تكون ابنتي على ما يرام معه / معها / معهم، لكن لا يمكنني المجازفة ، أنا آسف “.
بكل صراحة، من خلال محاولة فرض آراءٍ سخيفة على الناس، لا يمكن أن ينجح “النشطاء” إلا في إثارة العداء ضد المثليين – بمن فيهم أولئك أنفسهم الذين يعارضون المطالب العبثية التي تُطرح باسمهم.
أخيراً، إذا كنتُ رجلًا فقط لأنني أقول إنني رجل – إذا كان هذا هو المعيار، فهذه هي بالتأكيد المثالية الخالصة … ولا أعتقد أنني بحاجة إلى قول المزيد.
المصدر:
https://thecommunists.org/2019/04/20/news/why-gay-rights-is-not-a-class-issue/