بمناسبة اليوم العالمي للمسنين تعتزم الفنانة التشكيلية البلجيكية من اصل تونسي الاديبة سناء هيشري بتكريم كبار السنّ و رسمهم و اضهار هذا الجمال الذي خطّطه الزّمن ،
هذا الجيل الذي ساهم في بناء و تربية الأجيال لِتعيش في أحسن الظروف
عبر لوحاتها و الوانها تُبرز مدي قدرة المرأة المسنّة علي الصمود في عالم مُتغيّر ،لتستلهم هذه المرّة فنّها من كبار السنّ و ترسم لوحات فنية خلفها روايات و حكايات تسكنها شخصيات من الزمن الماضي يفتتح موضوع هام ،
في رواياتها القصيرة تميل الفنانة التشكيلية و الكاتبة البلجيكية من اصول تونسيّة سناء هيشري الي جعل قصصها مُتشابهة للوحاتها، بسيطة و هادفة برسائل ، دافعة بذالك القارئ الي المشاركة في تحليل و قراءة لوحاتها و العودة من الفروع الي الجذور لِتروي لنا الأديب سناء قصّة مُسنّة :
” كنت في بروكسال بصدد حضور معرضي الجماعي مع العديد من الفنانات جلّهم من اروبا و ذلك في نوفمبر تشرين الثاني من سنة 2019 , و الذي جلب انتباهي مُشاركة فنانة بلجيكيّة ذات الشعر الابيض الذي يميل علي البرنزي و وجهها محفور بالزّمن، عيناها مُتلألئة بالطاقة و الحيوية ، هيبة و وقار و اناقة في الملبس تُشعرُني انها لم تستسلم لمرور الوقت و لاسيما أنّها كانت بالفعل الاكبر سنّا مقارنة ببقيّة الفنانين
وقتذاك سألها الصحفي ميشيل كولون عمّا إذا كانت قدراتها الصحيَة كإمرأة في الثمانين من عمرها ، تُمكّنها من القيام بالرسم و التلوين و خاصّة انها ترسم لوحات ذات الحجم الكبير
طرح السّؤال كان دقيقا في ضوء مُشاركتها مع مجموعة من الفنانات الّاتي لم يتجاوز عمرهن الاربعون
علي أي حال الذي رسخ في عقلي ليومنا هذا و جعلني اكتب و ارسم تلك الفنانة ليس تقدّم سنّها و لا تجاعيدها و لا حتي تقوّس ضهرها و إنّما حكمتها و ذكائها و عدم تردّدها في الإجابة علي السؤال بكلّ ثقة في النفس و قوّة مُخاطبة الصحفي بالقول :
” كلا علي الاطلاق سيّدي لا أشعر بالشكوك في قُدراتي الفنية والابداعيّة بالرّغم من تقدّم سنّي و تُكمل السيّدة قائلة:
و أستغلّ هذا السّؤال لِأطرح قضيّة العمر للنقاش و مسألة الزّمن و التقدّم في العمر كفيل بكسب العديد من الخبرات و المبادرات و المهارات القياديّة التي جعلتني أُمثّل قيمة إضافيّة للمتلقي الذي يتمتّع بجمال لوحاتي ، و مكسب لبعض الفنانات من خلال التعلّم من تجاربي و تقنياتي و اكتشافاتي الفنية فالخبرة و الابتكار مهارتين اذا اجتمعتا معا في فنّان فقد تشكّلا تقدّما كبيرا في المستقبل الفني التشكيلي!
جواب ادهشني و حوار شيّق بين صحفي و امرأة مُسنّة ،
فعلا كبار السنّ مصدر رائع للمعرفة و الخيرة يعطوننا دروس عظيمة في الحكمة هم روح و مدرسة جميلة علي قول الكاتب” امادو همياتي ” في افريقيا عندما يرحل مسنّ فان ذلك يكون بمنزلة احتراق مكتبة او حديقة باكملها”
في الشيخوخة يتجلّي الجمال الحقيقي، جمال الروح و الجمال الداخلي الذي جعلني ارسمه علي لوحة الكانفاس و اتخذه مشروع فني و اتعمّق في دراسته ، فمن خلال الواني و تقنياتي اردت ابراز هذه التجاعيد الجميلة التي تروي لنا قصص الحياة، مُتجسّدة تُظهر علامات الفرح و الجراح ، بعيدا عن الوجه الشمعي السلس ، دون تعبير أو قصّة، و لم يكن هدفي رسم بورتريه يُبرز شيخوخة كبار السنَ و لكن أهم من ذلك اردت التعبير بالالوان عن معاني كثيرة و ابعث برسائل مختلفة و مفاهيم عن الحياة و ابعاد عن العمر أردت اكتشافها و البحث فيها و رسمها برؤيتي الفنية الخاصة
رسالة فنية من الفنانة سناء تدعو فيها من خلال لوحاتها و رسمها والوانها لنتقبّل حالتنا الانسانية، و نتقبل الشيخوخة التي لا مفرّ منها، و لكنها ايضا جميلة و نُغيّر معا نضرتنا الي كبار السن، معًا نشكّل مجتمعات أكثر شمولا يتكيّف مع كبار السنّ لِنبني عالما أكثر مرونة