بقلم
الاديب الشاعر زكريا مصاص
ما كنـتُ لأقطفَ مِن بستانِ أحـد ْ
ما كنـتُ لأطرقَ بـابَ أحـد ْ
ما كنـتُ لأرمي ليلاً شيئاً من نافذتي فوقَ أحـد ْ
وحـدي أحملُ سلَّـةَ أعبـائي
وحـدي أنضحُ مـائي
وإذا جـاورني شجـرٌ
أرسلْـتُ لـهُ ظلي
أو حـاورني قمـرٌ
أصغـى لِـسنـاه كُـلِّـي
وإذا لِـضفـافِ الفضَّـةِ نـاداني نهـرٌ
ألـقَـيتُ إليـهِ ردائـي
وإذا سرتُ، غـدا الـدربُ رفيقـي
لم أُلْـقِ بدربِـكِ سـيدتي أحـزاني
لم أقطفْ ورداً لجلالِـكِ كي ترضَي
أدركُ أنـكِ لا تبغينَ لِـوردٍ قتْـلا
أدركُ أنـكِ أرقى مِن كلِّ الـرسمِيَّـاتِ، وأغـلى
أدركُ أن كلاماً ينبعُ مِن قلْـبٍ صـافٍ
أعـذَبُ عنـدَكِ مِن كلِّ الشكليَّـاتِ، وأحـلى
أدركُ أنـكِ أبعـدُ من زيـفِ حضارةِ هذا العالَـمِ متخوماً بالغوغائيـة ْ
أدركُ أنـكِ أنثى متفَـردةٌ بجميعِ خصائصِها الفِطريّـة ْ
لا تتقمصُ غيرَ أنـاهـا
لا تحيـا إلا روحانيتَهـا الإشراقيّـة ْ
لا تحملُ بينَ جوانحِهـا إلا وهْـجَ الضوءِ
وسِحـرَ الحـبِّ
ومعجِـزةَ التكوينِ الأزليّـة ْ
وأنا سـيدتي رَجُـلٌ نصفُ امْـرأةٍ تسكنُني
قمـرا
وبهـا أغـدو بَـدرا
معها أنضحُ شِعـرا
وأحسُّ العالَـم حولـي
كـرةً زرقـاءَ سَمَـاويّـة ْ
ما كنـتُ سواكِ، ولا كنـتِ سواي ْ
وكلانـا يُغدِقُ نصفَ مَجَرتِـهِ ياقوتـاً وكواكـبَ
حتى تغدوَ سمفونيّاتٍ فِـيَّ رؤاكِ
وتغدوَ فيـكِ رؤاي ْ
ما وَسع الكونَ غنـاءً
دونَ هَـواكِ ودونَ هَـواي ْ
ما يجـري في الأنهـارِ
سوى مِن لَحنَيْنـا
ما أشرقَ صفْـوُ المـاءِ، ودفْـقُ العطـرِ
سِوى مِن كفَّيْنـا
نحن أَفَقْـنـا الصبحَ على وَردٍ يَتفَتّحُ جذلانـا
وجعلْنـا الظلَّ وَرِيفـاً فتـّانـا
وأقَمْنـا في الـروحِ جداولَ تهرعُ للهِ
وتسكبُ في حضرتِـهِ ألحـانـا
نحن وُجِدنـا في الأرضِ لِينبضَ في أضلعِنـا الحـبُّ
ويُسمِعَ هذا الكونَ قصائدَنـا
فيصير الكونُ ومَن فيـهِ رهـيفَ الكينونـةِ
يعرجُ في المَلَكوتِ
نَقِيَّ الضَّـوعِ
نَدِيَّ البَـوحِ ضيـاءً يَتَـنَـزَّل ْ
يرسـم لِلعـالَمِ مـا يحلـمُ
أو يتخيَّـل ْ
يرسـمُ .. يرنـو
وبِحُـسْنِ البـاري يتجَمَّـل ْ
يا امْرأةَ التكوينِ المُدهِـشِ
ما كانت في الحلْـمِ مَجَرَّتُنـا لـولا
كان الحُـسْنُ الصـافي يملأُ هذا القلْـبَ الهـائِمْ ْ
ما كانت ثَمَّـةَ سمفونيّاتٌ تصدحُ لـولا
كان جلالُ اللهِ تجلَّـى
في أقصى أحوالِ السادرِ في ملكوتِ سنـاهُ العـائِم ْ
فلنصدَح ْ..
يا سـيدةَ الحلْـمِ الأبهَـرِ
والعشقِ الأكبَـرِ
فلنصدَح ْ..
ولنَجعلْ هذا العـالَمَ
مِن ينبـوعِ رؤانـا
يبرقُ بالشوقِ
ويشهقُ بالتوقِ
ويَشرَقُ بالبَـوحِ
ويشـرَح ْ
إنَّـا أعطينـَاكَ السِّـرَّ الأجمـلَ
فلتَفـرَح ْ
فدَعِ الضَّـوءَ يَضُوعُ بداخلِنـا
دَعْ ضوضاءَ النَّـفْسِ
بِكوكبِـنـا الـرُّوحِيِّ تَـذوبُ
وتمطِرُ في أعمـاقِ تـلهُّـفِـنـا وتـلَـفُّـتـِنـا
أطيـابٌ تنـدى
وترانيمُ بِأقصى ما في الأصـداءِ العُلْـوِيَّـةِ ترتَـدُّ
وتُهـدى.