قدّرَت إدارة الرئيس الأميركي الأسبق “جون كينيدي”، أن الصِراعات المستقبلية لن تكون نووية بقدرِ ما ستكون متوافقة مع واقع الحال.
وعين أميركا دائماً على القارتين آسيا وأوروبة والتي أصبحت تُعرَف باسم “اوراسيا”. ويقول “زبيغينيو بريجنسكي”، مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس “جيمي كارتر”:
“إن المهمة الأولى في أوراسيا غير المستقرة هي أنه يجب خلق الظروف حتى لا تتمكن أي دولة بمفردها أو مجموعة دول مجتمعين من التضييق على الولايات المتحدة الأميركية، أو حتى التقليل من دورها الحاسم”.
وكانت العراق وإيران وسورية وأوكرانيا وفلسطين وغيرها – برأي – إحدى الأسباب لخلق عدم استقرار لكلٍّ من روسيا وأوروبا والدول العربية من أجل السيطرة على أوراسيا.
وكل هذه الحروب التي أطلقتها الولايات المتحدة الأميركية ضد بلدان أضعف منها تم التحضير لها بالذرائع والأكاذيب، ومنها الحرب التي قادت إلى غزو الفيلبين وبعدها حرب فيتنام التي تمّ التصعيد لها عبر كذبة أن سفينة أميركية هوجمت من قبل الفيتناميين الشماليين في خليج تونكان، ثم غزو العراق الذي بُني على تفجيرات 11 ايلول 2001 والذي ذَهَب ضحيّته الآلاف من الاشخاص وتمّ تبريره بكذبة وزير الخارجية الأميركية “كولن باول” في الأمم المتحدة، الذي أكّد بوجود أسلحة كيميائية في العراق .. بالإضافة لغيرها من الأكاذيب والحروب لأجل بلبلة أوراسيا.
أكثر من أي يومٍ مضى يستخدم العالم المخاطرة فيلعبون على حافة الهاوية، بحيث يُمكن لمن يمتلك قوة نووية ولو صغيرة، ويُعطي الآخرين إنطباعاً بأنه غير مسؤولٍ ولا واعٍ لِما يمكن أن يترتب عن عمله من نتائج، يستطيع أن يمارس لفترة معينة تأثيراً رادعاً كبيراً، من خلال عملية “إثارة الرعب” بإمكانية استخدامه للسلاح النووي.
أليس هذا ما يحدث منذ سنوات في إسرائيل؟
لقد كتَبَ رئيس وزراء إسرا ئيل “بنيامين نتنياهو”، منذ ما يزيد عن عشرين سنة:
“لقد تحول قطاع غزّة تحت سلطة “عرفات” إلى قاعدة إسلامية فريدة من نوعها … وهذه المنطقة سوف تُستَخدم مستقبلاً كمنطقة لإعداد الإرهاب وتصديره إلى اتجاهات مختلفة ومتعددة” .. وهو بعد هذه السنوات يأتي ليقول أن حرب غزّة اليوم هي من أجل محاربة الإرهاب العالمي وكأنه يخدم العالم بأكمله.
اليوم يجب أن أقول بأننا في خضمّ الحرب العالمية الناعمة، ولن تُستَخدم بها الأسلحة النووية كما في السابق بل الأسلحة التكتيكية والأسلحة الذكية.
نحن في حربٍ ناعمة مع جنودٍ بياقات قمصانٍ بيضاء وقفّازات حريرية.
يقولون “من الأفضل أن تلبس القفّاز الحريري في اليد الحديدية على أن تلبس القفاز الحديدي في اليد الحريرية” وأعتقد تماماً أن القفازات الروسية الناعمة بمظهرِها تُغطِّي يدي الرئيس “فلاديمير بوتين” الحديدية، والذي قال عنه الرئيس الأميركي الأسبق “جورج بوش الإبن” أنه “صارمٌ دائماً”.
إن اميركا أو أية دولة مِن أوروبا وروسيا والصين وإسرائيل .. ليسوا على استعداد لاستخدام السلاح النووي بل يجرّبون الأسلحة الحديثة والتي تقتل بصمتٍ وبلا ضجيج مع ابتساماتهم.
كل الحروب التي تجري الآن في أوكرانيا وغزّ ة وسورية هي من أجل خلق عدم استقرار في اوراسيا ليسهل على أميركا بالسيطرة.
سأل زبيغنيو بريجينسكي سؤالاً وهو “أميركا .. قيادة العالم أم السيطرة عليه؟”
أعتقد أن اميركا ليست المثل الصالح لقيادة العالم .. وهي ليست بالقوة التي تستطيع السيطرة عليه.
اللهم اشهد اني بلّغت