بقلم الأديبة: سهام السعيد
مهلاً فلدينا مانودّ قوله…
لدى مواجعنا الكثير ممّا تريد أن تذرفه دمعاً أو تطلقه أنيناً.
أيّها العام الرّاحل الآخذ من عمرنا أعماراً؛ مهلاً…..
ليتك غيّرتَ القناع أو جدّدته فبدا مختلفاً عمّا سبقه من سنوات الضّياع.. ليتك لوّنتَ سوادهُ بألوان الطّيفِ حتّى، ونثرتَ في لياليهِ الطّوال لحظةً من لحظاتِ الصّباحاتِ المشرقة؛ علّنا نمنحُ فسحةً أكثر اتّساعاً لِأملٍ بات يخجلُ أن يسطع في أعيننا أو يحلّق في طلّتنا؛ أملٍ بات يشعر بالعجز أمام سيلِ المآسي وفيض الّلا طمأنينة.
أيّها العام الرّاحل طاوياً أيّام عمرنا على عجل.. خاطفاً لحظاتٍ محسوبةً على عمرنا وليتها لم تكن فيه.. ليتها لم تتركْ ندوباً شوّهتْ أرواحنا حدّ الانكسار.
ليت سفينتكَ لم ترسُ على شاطئ أمننا لترميَ حمولتها الثّقيلة بزلازلها وفيضاناتها و أعاصيرها ومجاعاتها.. بحروبها الّتي زرعتِ الألم وخلّفتِ المرارة… أثقلتنا حمولتكَ حدّ كسر العظم وقهر الرّجال… ليتك لم تحمل في طيّاتكَ أوراقَ نعواتٍ ماعادت تتّسع لها الجدران.. ماعادت تقوى على حملها السّطور..
نفتّش فيك عن إبرةِ سكينةٍ في كومةِ خيبات.
فهل اتّعظْنا؟؟! بعد كلّ هذه الرّسائل الإلهيّة هل صحتِ الإنسانيّة فينا؟؟ هل أدركنا حجم الظّلم الّذي ارتكباه بحقّ أنفسنا ومَن حولنا؟!! أكْلَنا لحقوق الغير؟ تمادينا في الخطيئة وتباهينا بالخطأ؟! فشلنا في مجاهدة أنفسنا عن ارتكاب الشّرور؟ طمسنا للحقيقةِ وتزييفها بضدّها؟!
بعد كلّ هذه الهزّات هل ترفّعنا عنِ الزّلّات؟؟ هل جاهدنا لنكون عند حسن ظنّ ربّنا بنا؟؟ أكثر نقاءً وأشدّ إصراراًعلى إصلاح أنفسنا..
ليتنا وأخشى أنّنا ما كنّا….
كثيرةٌ هي الهزّات الّتي حرّكتِ الأحجار والأشجار والجماد؛ لكن ما بدا ويبدو أنّها لم تُحرِّك فينا الضّمائر والإحساس لم تكن واعظاً يوقظنا من الغفلة….
هُزّنا لتتساقطَ آلامنا وأوجاعنا وأخطاءنا كخريفٍ تساقطَتْ أوراقه.
مقيّدون بوساوسِ الشّيطان.. ومساوئ الضّغينةِ.. وعبوديّة المكاسبِ..
آنَ أنْ نتطهّرَ… أن نغتسلَ بماء الفصيلةِ… ونتوضّأ بزمزم مخافة الّله.. أنْ نخشى ارتكابَ الجريمة خوفاً من العقاب…. من وجع النّفسِ الخيّرةِ فينا..
آنَ أنْ نمسكَ يدنا عن أكل متل الغير.. وأن نمسك لساننا عن أكل لحمِ الغير… وأن نمسكَ أعيننا عن أكلِ متعمد العير من نِعمٍ و أنعام… عنِ الحسدِ… فلا محسود إّلا من فازَ برضا الّله.. ولا غنيّ إلّا من أغناه الّله بالقناعةِ….
قبل أن ترحلَ.. اتركْ لنا ومضةً من ممكنٍ يلغي المستحيل… اترك لما حفنةً من بشائر تنثرُ الاخضرار على صحرائنا…
ولْيكن غداً يوم آخر أكثر إشراقاً وشروقاً.