أديب يعطي وثري بما يقدمه في ميدان الأدب مساحة ضوء وبصمة مميزة في الأدب
= بداية كيف تقدم نفسك للقراء ؟
اقدم نفسي للقراء بأني احاول كتابة نصوص تحمل بصمتي وشخصيتي ،تعبر عن نفسي وتصوري عن الكون والحياة، وأعتقد أن تاريخ الإنسان على الارض ينحصر : في المحاولة ولن ترضى البشرية يوماً عما انجزته, ولم يرضي عالم عما قبض عليه من أسرار الكون ولن يقتنع اديب أنه غاص بداخل النفس البشرية ووقف على سر دوافعها بصفة نهائية ،ولن يقف ناقد على رسالة الأديب، والنفاذ داخل عقله ونفسه وعما شاغلهما أثناء كتابة نصه…العالم يحاول لفك طلاسم الكون ،والأديب كذلك والناقد يلهث خلفه ،والفيلسوف يدخل في عملية تقييم واسعة شاملة لكل يموج به المجمع من تيارات فكرية ومدى تأثيرها إيجابا أو سلبا ، الكل في الطريق ولن يصل احد كما يقولون: لعل السعادة تمكن بالسير فيه، البشرية كأنها فرد واحد وكل ما تحقق من إنجازه على مدار القرون هو فعل تراكمي ينظر إليه كل فترة من حياته بالحذف منه والإضافة إليه..
*******
= الكتابة هاجس وهي انكشاف على القارئ بالتالي يصبح المنتج ملك من يقرأ . ما رأيك ؟
نعم أتفق معك بأن الكتابة هاجس ولعله أجمل ما فيها لأنه لحظة كشف ، ونبوءة في وقت واحد ،أعتقد أن الكاتب الحقيقي صحاب مشروع وصعب اختزاله بعد قراءة عمل نص واحد بمعنى أن كل إنتاجه عبارة عن كتاب واحد ، ولعله في بداياته الأولى في الكتابة! يبدأ تحت شعور غامض فيقرض الشعر، ولكنه لا يرضي تجربته لأنه لا تعبر عما تجيش به نفسه تماماً ،فما زالت هناك فجوة بين ما يكتب وما يشعر به، فيهجر الشعر ويبدأ في كتابة القصة القصيرة فيجد نفسه أثناء السرد أكثر وضوحاً وعمقا في التعبير عما يستقر بداخل بأعماقه ووجدانه، ولكن ما زال هناك بعض الغموض، وإحساس أن فكرته لم تصل بصورة مثلى، فيكتب المقال النقدي فيشعر أنه أقترب من القارئ أكثر. وأنه أصبح على مسافة قصيرة جدآ من الوقوف على سر كتابته..
وهكذا يظل يدور حول مشروعه الفكري أو الأدبي بشتي أساليب التعبير بالرواية والقصة والشعر والمقال حتى في أحاديثه العفوية والعابرة مع اصدقائه، وأثناء جلوسه في المقهى ، فكل جزء مما سبق يمثل جزءا من لوحة كبيرة ،أو فقرة في كتابة الكبير فما غمض في الشعر يوضحه النقد وتفصيل الرواية يشرح اقتضاب القصة ومناقشاته مع الأصدقاء تلقي الضوء على كا ما سلف ذكره فمشروعه عبارة عن فكرة واحدة يدور حولها لإنارتها من كل الزوايا ،بشتي أساليب التعبير المختلفة، فمن الأفضل هذه الحالة ألا نحكم على اديب من نص واحد، أو نقيم مشروعه بعد قراءة مقال أو قصة..
*********
= من نخاطب في كتاباتك؟
اخاطب الوجود بأكمله من جماد وغيب وناس في محاولة للوقوف على بعض أسراره إذا استطعت إلا ذلك سبيلا ، لأخبر بذلك القراء لما خلصت إليه من نتيجة فهو شريكي في حالة توحده معي أثناء القراءة ،لو للحظات، في حواري مع كل ما سبق، فأمنية أي كاتب أن تنتقل تجربته لأكبر عدد من الآخرين، ما أردت قوله أن: دورة الفكر تدور في أدمغة الناس ، وكل من هو معني ومهموم بالتعبير عن نفسه، تشبه دورة الماء، فالنهر يصب في البحر، لا النهر نقص ولا البحر امتلأ، ثم تبخره الشمس لأعلى ثم يسقط مطر مرة أخرى على الأرض، لا نقص هناك ولا امتلاء …فالعلماء يتأثرون بالفلافسفة والمفكرين والأدباء والعكس صحيح في عملية تأثر وتأثير متبادل الفكر الإنساني تضم وشائجه المتناثرة في ضفيرة واحدة.. فنحن أيضا نقرأ لغيرنا والاخرين يقرأون كتبنا، نثري بتجارب الآخرين نؤثر فيهم والعكس صحيح .
********
= من هو الأديب برأيك ؟
الأديب الحقيقي أو المثقف شخص هاوي غير منتمي لأي جهة تملي عليه القيام هنا لا يستحق أن يطلق عليه أديب أو مثقف ، لأنه في هذه الحالة أقرب التقني والمهني الذي ينحصر عمله الذي يرتزق منه في :بتبرير أخطاء السلطة ،او يجملها في عين القارئ وأن ليس هناك أفضل :مما كان وهو شخص اهم مؤهلاته الوعي، و من صميم عمله ودوره: اقلاق القارئ على مستقبله لا طمئننه ،كما يقول المفكر الكبير إدوارد سعيد، وجرامشي في رؤيتهم للمثقف بل هي وظيفة كل من يحمل قلما، فالكاتب ابن مجتمعه ،وان فعل وعكس سلبيات المجتمع بداخل كتاباته فلا يحق للمجتمع في هذه الحالة بأن يتذمر منه لأن الاديب هنا من انتاجه فهو في هذه الحالة ضميره وهو بمثابة الرائي الذي يستشعر الخطر ويحذر منه..
****
الانتشار الالكتروني أبعدنا عن الورقي كيف تقيم تجربتك مع النوعين ؟
في الحقيقة النشر الالكتروني سلاح ذو حدين فهو فرصة للمبدعين للموهوبين اللذين لا يستطيعون نشر كتاباتهم ورقي للقراء هذه من ؛ناحية وهذا هو الجانب الايجابي أما السلبي منه فيتمثل في الكم الهائل من هذه الكتابات التي لا تستحق البقاء ولا حتى القراءة، ليبقى النص الجيد وحده اعزل يدافع عن دون سلطة وذلك هو مبرر وجوده ، فقد هناك كتابات رديئة ولكنها تنشر لنفوذ منصب كاتبها اما الان فكل النصوص متاحة للقراء والنقاد وكما يقف النص اعزل يدافع عن نفسه فيبقى إذا تستحق البقاء حتى إن كان صاحبه مغمور ولكن يتمتع والعكس صحيح يكون نصيب النص السيئ طي النسيان حتى لو كاتبه يمتع بنفوذ السطلة.
******
=للروائي مساحة واسعة للتعبير عما يجول في خاطره وكثيرا ما نجد شخصية الكاتب محور العمل الروائي ,في حين نجد للقصة مساحة أضيق فهل وجدت نفسك بكل ما تود إيصاله من خلال القصة القصيرة ؟
سؤال جيد بالفعل فالرواية تعطي الكاتب فرصة للتجريب ولمعرفة عكس القصة القصيرة ولمعرفة ما يحدث داخل المجتمع وفئاته وناسه وهذه المعرفة ؛التي تقدمها الرواية في هذه الحالة تجدها عند الباحث الاجتماعي أو النفسي أو المنظر السياسي فهي عالم رحب ، اما بالنسبة لهذا وهو كتابة الرواية فقد انتهيت منذ فترة من كتابة روايتي الأولى ودفعت بها للمطبعة ، أما القصة القصيرة فهي فن صعب وليس هناك مجال للتجريب إذا لم يكن الكاتب متمكن من أدواته سيكون نصيبه الفشل ولذلك يقول الناقد الايرلندي “فرانك اكونور” في كتابه” الصوت المنفرد ” :،((ليست القصة القصيرة ، قصيرة لأنها صغيرة الحجم ، وانما هي كذلك لأنها عولجت علاجا خاصاً ، وهو أنها تناولت موضوعها على أساس رأسي لا أفقي ، وفجرت طاقات الموقف الواحد ، بالتركيز على نقاط التحول فيه ، فالذي يقف على منحني الطريق يتاح له أن يرى الطريق كله ،والذي يفجر نقاط التحول في الموقف يتاح له, أن يجمع بين الماضي والحاضر والمستقبل في لحظة واحدة ،ماثلة للعيان!))
و تعتمد القصة القصيرة في الأساس على التكثيف والحدث الواحد، و الحد الأدنى من عدد الشخصيات و على اختزال اللغة، والابتعاد عن الصور البلاغية أو اللعب على عناصرها..
= تعرف الثقافة بأنها سلوك وهذا صحيح ما الذي يغذيها ؟وكيف نواجه تحدياتها سيما في عصرنا هذا ؟
نعم أنا اعتقد بنسبة كبيرة أن: الثقافة الحقيقية العميقة التي تكون عقل وتشكله، وتهذب نفس وترقي بها بأن الشخص المثقف الذي يتمتع بهذا التكوين بأن يتمتع سلوكه أثناء الممارسة الحياتية ؛ بالرقي على أرض الواقع لأنه في هذه الحالة: ينهل من ثقافة موسوعيه قادرة توجيهه بصورة صحيحة، غير أنها موقف من الناس والأشياء ، فإذا لم تفضي الثقافة لهذه النتيجة تصبح عندها مجرد معارف لا رابط بينها ,ومعلومات عامة لا تكون نظرة منسجمة فيما بينها.
******
= قياسا للنتاج الكبير في مصر كيف تقيم الحالة الأدبية محليا وعربيا ؟
الحالة الأدبية في حالة اضطراب مصريا وعربياً وهذا مرجعه غياب النقد الجاد الذي في هذه المرحلة التي اختلط فيها الحابل بالنابل فأغلب ما تقرأه من نقد في أكثر الأحيان مجاملة لصاحب لكاتب النص وليس لجودته ،لا يكتبه نقاد أكاديميون أو متخصصون يمررون النصوص التي تستحق لداخل الحقل الثقافي لتصبح جزء منه فالنقد هنا أشبه بالضمير المهني ، ولذلك نجد على الجانب الآخر ؛ كتابات تحظى بشهرة واجماع وتحصل على جوائز وسرعان ما تختفي ولا تترك أثراً في عقل القارئ ولا نفسه لأن مصدر ذلك الشللية المنتشرة في حياتنا الثقافية من أجل تنجيم كاتب أعتبر ذلك تزييف وتدليس على القارئ الذي لا يستطيع التفريق بين الغث والثمين.
=تكتب المقالات التحليلية ,, ما الموضوعات التي تستفز الكتابة لديك ؟
أغلب تكويني العقلي فلسفة وفكر ونقد تنظيري لذلك تستفزني القضايا الفلسفية والفكر المجرد، وعلم الاجتماع وخاصة الجانب المعني بتحول المجتمعات والهوية الثقافية ، اصب كل في الادب على شكل تجارب ذاتية ، ولذلك تغلب على كتاباتي نزعة فلسفية تتسرب حتى داخل كتاباتي دون شعور مني ، و لذلك كتب احد النقاد أن اسلوبي مزيجه فلسفة وفكر وأدب وعلم والسلاسة ولذلك يتمتع بالعمق والسلاسة في آن واحد وهو ما يميز صوتي وعالمي السردي..
******