عشر سنوات وتمر الأعياد على سوريتنا كطقس وعادة متوارثة لشعب صبر وصمد و قهر الكثير من المظلوميات والتآمرات و اثبت عمقه وتجذره وإنتماءه مرت السنوات و مرت المناسبات بظروف معقدة و سلوكيات مختلفة تبعا لتغيرات بنيوية ساهمت في تعقيد المشاكل و الصعوبة في مواجهتها فمن بلد بتباهى بمؤشراته الاقتصادية والتي تتمايز على مستوى المنطقة و كيف لا ميزان تجاري رابح عبر امن غذائي كامل و صناعة تحويلية و غذائية و هندسية متميزة بنية تحتية قوية في بلد عمت الكهرباء كل جغرافيته وغطت مياه الشرب مناطقه و عم الصرف الصحي مجمله و انتشرت المدارس والجامعات بكل مساحته و خدماته الصحية تمايزت لتكمل طبيعته وتاريخيته الدينية كمنطقة لانتشار الديانات الروحية و انتشار روائع آثرية تدل على عمقه الحضاري كلها تزاوجت لتشكل منتج سياحي تفوق بتكامله رغما من الحروب على بلدنا ولتجتمع كل هذه التمايزات و تتحد مع سياسات اقتصادية اجتماعية لتشكل طبقة وسطى قوية شاملة صلبة يعجز تهشيمها الا عبر اسلحة غير تقليدية وكيف لا وقد تحاوزت حدود ال ٩٠ بالمائة وكلنا يعلم ان الطبقة الوسطى
ببعديها الاخلاقي والمالي عماد النمو والتنمية والتماسك الإجتماعي و جسر التطور والارتقاء بكل ابعاده ولتكون هذه الطبقة قلعة للصمود وللتصدي لكل المؤامرات و المزاودات متحصنة بمنظمات و أحزاب ومجتمع اهلي متناغم و بطقوس و عادات داعمة و مقوية و لتشكل لوحة جميلة مهما اختلفت اذواق المتلقي المقيم لا يستطيع ان يتناسى جماليتها و ليكون الهدف الاهم للمشروع الامبريالي العالمي تهشيم وتفكيك هكذا تماسكات لفرض اجندات مارقة تحافظ على المعادلة العالمية المتمثلة بثنائية التزعم القيادي العالمي بعد الحرب الباردة وانحسار نموذج الثنائية من جهة و الإعلان العلني لوفاة أي نهج يضم بروحانيته مواجهة النموذجي الليبرالي بقديمه المدعي بحرية اقتصادية عبر حرية السوق دعه يعمل دعه يمر و السوق تنظم نفسها وبتنظيرات لإنسانية منافقة و لديمقراطية كاذبة و بفرض نموذج يصطفى أشخاص تتجاوز الانتماءات المحلية والوطنية لتتماهى مع هذه المشاريع و تكون نواة لضرب الدور المؤسساتي والذي يشكل جدارا لمواجهة هذا المشروع و لن نتكلم عن تخسير القطاع العام و تقويض الصناعات و زيادة الضرائب وتسليع كل شيء حتى حياة الإنسان عبر رفض دور الحكومات بالتوزيع العادل و حماية المواطنين عبر الخدمات الاجتماعية المجانية من تعليم وصحة و دعم مواد اساسية و كلنا يعلم ان بهكذا طريقة يبنى الإنسان المتجذر المنتمي المشبع والمحقق لحقوقه ووجوده وهو اكبر عدو لقوى عالمية لا تقبل دولنا إلا اسواق استهلاك وارض لنهب الثروات وكلنا وجد الوقاحة العلنية لممارسات تسبق العصور الجاهلية للتوحش بسرقات علنية واساليب همجية تخالف كل الشرائع والقوانين الدولية نابعة عن دول تتدعي الحضارة والإنسانية و لتنتج هذه السلوكيات فوضى عالمية كبيرة زادت من الفقر و هشمت الطبقات الوسطى و نشرت الفوضى بالمجتمعات و افرزت مالكي اموال اغلبهم لم يمروا بتتطور تاريخي بنيوي وبالتالي ابعد ما يكونوا عن الإنضباط السلوك القيمي والاخلاقي والوطني. ولتخسر البلدان أهم طريق للسير قدما نحو النمو والرفاه والتقدم و ليعم الضياع والفوضى بديلا عن الاستقرار و لتكون الاعياد طقوسا متوارثة لاستمراريات مكتسبة عوضا عن مناسبات منتظرة لتعبر عن عمق إنساني منتشي بتحقيق رغباته وإشباع متطلباته الإنسانية فأي أعياد في أجواء اذلت العباد وأي اعياد في مجتمعات عم بها الفقر والعوز و تشرت العباد و اي اعياد لاناس فقدوا كل شيء واصبحوا عبئا على البلدان والعباد بأيادي سوداء و افكار سوداء و غيوم سوداء.
في انتظار العيد من جديد عبر الخلاص والانتصار على كل هؤلاء عابدي الاموال ادوات ما بعد العولمة ولن يكون خلاص بلا مناص إلا عبر برنامج يعيد الصلابة لطبقة وسطى مسيطرة ويعيد الدور للمؤسسات و يجعل القانون فوق العباد.
في ظل انتظار العيد قد تكون الغيوم السوداء ديكور هوليودي وخلفها أمطار خيرة تعيد الزرع و تعيد الاعياد كسلوك عميق إنساني معبر وليست كطقوس عابرة.
الدكتور سنان علي ديب