طفح كيل الولايات المتحدة الأميركية ولم تعد تتحمل غض النظر عن المظاهرات وحرية التعبير في شوارعها ومدنها طيلة أشهر العدوان على غزة. وإذ بها تجتاح الجامعات الأميركية على اختلافها، والتي تمثل نخبة المجتمع الأميركي ومستقبله، بسبب المجازر والإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، التي هزت الضمير العالمي ودفعت بحكومة جنوب أفريقيا إلى تقديم دعوى أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي…..!
سارعت الإدارة الأميركية وعلى لسان شاغليها، بدءاً من رئيسها وما دون إلى شن حملة ضد الطلاب وإدارة الجامعات عبر الاعتقال والطرد وتهديد رؤساء ومدراء الجامعات وتحميلهم مسؤولية العداء للإنسانية وبتحريض صهيوني. وواكب التحرك الطلاب الأميركي تحركاً مماثلاً في الجامعات الأوروبية حيث نُصبت خيام ونُظمت اعتصامات تعاطفاً مع الشعب الفلسطيني…!
وما يحز في النفس ويثير الدهشة والاشمئزاز، هو الخنوع والخمول والتخدير والخضوع في الجامعات والمؤسسات التربوية العربية التي لم تحرك ساكناً، كأنّ الأمر يحدث في سابع أراضين. مع العلم أن الطلاب العرب في ستينيات القرن الماضي تظاهروا ووقفوا إلى جانب الشعوب المستضعفة والمناضلة في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية وكوبا، وخير شاهد على ذلك هو دعم الشعب الفييتنامي ضد الاستعمار والهيمنة الأميركية…..!
سقطت كل الشعارات والدساتير التي تتغنى بها واشنطن وترفعها من خلال حربها الناعمة والجمعيات الوهمية، وأضحى هذا القناع كذبة كبيرة يعرفه القاصي والداني….!
بالخلاصة، هذه أميركا الحقيقية التي لا تقيم وزناً ولا معياراً لحقوق الإنسان والحريات العامة والديمقراطية والعدالة، ولا للمعاهدات والمواثيق والأعراف الدولية…!
ما يحصل الآن في الجامعات الأميركية يثير تساؤلات عديدة منها:
١- هل انتقل الصراع من المخيمات الفلسطينية في غزة إلى جامعات الولايات المتحدة الأميركية؟
٢- هل تحرض واشنطن الحكومات الأوروبية ضد الطلاب في جامعاتها؟
٣- متى يتحرك طلاب الجامعات في الأنظمة العربية دعماً للطلاب في الغرب وليس لفلسطين؟
٤- هل نحن أمام تغيرات على مستوى الشعوب في العالم تُنزل واشنطن من على قمة العالم؟
د. نزيه منصور