د. سمير باكير- أثناء تقديم مشروع قانون إلى الكونجرس الأمريكي طالب اثنان من المشرعين الأمريكيين بإجراء مراجعة كاملة للعلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا.
جاءت دعوة العضوان في الكونعرس وسط مزاعم تتعلق بموقف أفريقيا إزاء أعداء أمريكا وكذلك بشأن تصريحات كبار المسؤولين في هذا البلد الافريقي، وبذريعة تحركاته المعادية السامية والمناهضة لاسرائيل .
وبغض النظر عن اي اعتبار يحمله مشروع القانون هذا، إلا انه يظهر بوضوح إلتزام أمريكا ومساعيها الحثيثة لحماية اسرائيل وتمليصها من أي مسؤولية عن إنتهاكاتها الصارخة لحقوق الإنسان.
ولا يخفى على أحد ان جنوب أفريقيا هي أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة في القارة الأفريقية، وامريكا هي ثاني أكبر وجهة لصادرات جنوب أفريقيا، لهذا فان اي محاولة لتعكير صفو العلاقات سيكبد واشنطن خسارة فادحة.
بالتوازي مع ذلك، ستسارع الدول المنافسة لأمريكا من قبيل روسيا والصين الى إصطياد مثل هذه الفرصة الذهبية في حال اتسع الشرخ بين الجانبين، وما سيتمخض عن ذلك دون شك هو تعزيز مكانة جنوب أفريقيا في مجموعة البريكس.
ومن المتوقع أن تغتنم جنوب أفريقيا التي تتمتع بموقع مؤثر في الإتحاد الأفريقي هذه الفرصة لمواجهة التصرفات الأحادية للولايات المتحدة، وتوافق على خطط للحد من الدور الامريكي والتغلغل الاسرائيلي في أفريقيا.
بالإضافة الى ذلك، جنوب أفريقيا عضو في قانون النمو و الفرص الأفريقي (أجوا) الذي يسمح للدول الأعضاء بالوصول إلى السوق الأمريكية دون رسوم جمركية للصادرات. الأمر الذي انتقده واضعو مشروع القانون الامريكي المذكور سالفا، في الوقت الذي يعتقدون فيه أن جنوب أفريقيا تعمل ضد المصالح الوطنية للولايات المتحدة من خلال التمتع بهذه المزايا.
في الواقع فضحت هذه السحابة السوداء التي باتت تخيم على العلاقات بين واشنطن وبريتوريا في ظل ظروف لاتنفك تحاول فيها جنوب أفريقيا تعزيز السلام والأمن والتنمية في العالم، ودعم شعب غزة المنكوب و الأعزل، سياسة تأجيج الحروب و معاداة حقوق الإنسان التي تنتهجها أمريكا، بل وجعلتها اكثر وضوحا أكثر من اي وقت مضى.
في الختام نستطيع القول ان الدعم الامريكي الاعمى لاسرائيل، وعلاوة على انه يلحق خسائر اقتصادية كبيرة بواشنطن، بات اللعنة التي دمرت مكانة أمريكا أمام الرأي العام العالمي.