كشفت دراسة أكاديمية سورية ارتفاع معدل الخسائر الناجمة عن الحرب إلى حوالى 85 مليار دولار، بمعدل يفوق في الربع الأول من العام الحالي خسائر العام الماضي تقريبا، وذلك بالتزامن مع ارتفاع سعر العملات الصعبة، وبينها الدولار، إلى ثلاثة أضعاف سعره الأصلي، قبل 3 سنوات، ما دفع الحكومة إلى وضع سياسة استيراد مقننة تحد من دور القطاع الخاص فيها.
ووفقا لدراسة أعدها «المركز السوري لبحوث السياسات» في دمشق، ونشرها موقع « الاقتصادي» ومقره دمشق أمس، فقد بلغت خسائر الاقتصاد السوري بسبب الحرب حتى الربع الأول من العام الحالي ما يقارب 84.4 مليار دولار، بعد أن كانت نهاية 2012 نحو 48.4 مليار دولار أميركي بالأسعار الجارية، أي أن خسائر الربع الأول من العام الحالي هي حوالي 40 مليار دولار.
وبين المركز في دراسته أنّ من بين الخسائر نحو 8 مليار دولار خسائر بالناتج المحلي الإجمالي، ونحو 13 مليار دولار خسائر في رأس المال، ونحو 7 مليارات على الإنفاق العسكري. وكان المركز ذاته أشار في دراسة سابقة إلى ارتفاع معدل الإنفاق العسكري إلى 9 في المئة في موازنتي العامين 2011 و2012.
وبين التقرير أنّ الدين العام لسوريا، داخليا وخارجيا، ارتفع من 48 في المئة من الناتج المحلي في العام 2012 إلى 65 في المئة من الناتج المحلي خلال الربع الأول من العام الحالي، حيث شكل الدين الخارجي خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي 49 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وكان تقرير للأمم المتحدة عن «الأزمة السورية: الآثار الاقتصادية والاجتماعية» قدر بأن 12 في المئة من السوريين يعيشون تحت الخط الأدنى للفقر، وأن ما يقارب ثلث السوريين (33.6 في المئة) يعيشون تحت الخط الأعلى للفقر مع تركيز اكبر للفقر في المناطق الريفية. ورجح دخول نحو ثلاثة ملايين سوري جديد دائرة الفقر، وأن 1.5 مليون منهم تحت خط الفقر الشديد.
من جهتها، أكدت صحيفة «الوطن» لجوء الدولة إلى قرار بتحديد المستوردات وحصرها بالقطاع العام، في خطوة جديدة تهدف الى الحفاظ على ما تبقى من احتياطي القطع الأجنبي في سوريا. ونقلت عن أحد المسؤولين السوريين قوله ان الحكومة وضعت ثلاث قوائم لاستيراد المواد «حمراء وصفراء وخضراء».
وفي ما يخص الأولى، تربط الحكومة استيراد وتأمين نحو 11 مادة أساسية بها فقط، وتتضمن كل المواد الأساسية والضرورية لحياة المواطن وستكون بذلك المورد الوحيد لها، وتحصر القوانين الجديدة استيراد التجار لهذه المواد عبر تمويلها من حساباتهم المجمدة في الخارج، لا عبر الحكومة كما كان سابقا.
ويأتي القرار بعد جدل، خصوصا أن الحكومة تعلن المرة بعد الأخرى شكوكها من عمليات التلاعب بالعملة التي يقوم بها تجار، يحصلون على دولار الدولة بسعر ينقص عن سعر السوق السوداء بمعدل النصف، إن لم يكن أكثر.
أما بالنسبة للقائمة «الصفراء»، فتتضمن جملة من المواد التي يمكن للقطاع الخاص استيرادها، وستمّول الحكومة جميع التجار الذين يرغبون باستيرادها عند الضرورة، إلا أنها كحكومة ستكون منافساً قوياً عبر استيرادها لمواد هذه القائمة، وفق المصدر عينه.
أما القائمة «الخضراء»، فان الحكومة ستتركها للقطاع الخاص، وتتضمن الألبسة والكهربائيات وشريحة واسعة جداً من الكماليات، ليقوم التجار بذلك بتأمين التمويل عبر وسائلهم الخاصة من دون تدخل الحكومة.
وتسعى الحكومة وفقا لتوجيهات رئيس الحكومة وائل الحلقي لإيجاد طرق جديدة للاستفادة من الأموال السورية المجمدة في الخارج، عبر تسخيرها لتمويل الاحتياجات التجارية للقطاع الخاص. ويساعد في ذلك أن الحظر على سوريا لم يشمل المواد الغذائية والدواء، وهذا هو الباب الذي سيتم الدخول منه بهدف تأمين حاجيات المواطن السوري من هذه الأموال المجمدة، والحفاظ قدر الإمكان على الاحتياطي النقدي الموجود لدى الدولة السورية.
وكان سبق للحكومة أن لجأت إلى خيار مشابه في ربيع العام 2011، إلى أنها تراجعت عنه بسرعة بعد احتجاجات واسعة لقطاعي التجار ورجال الأعمال.
السفير