—
ما كنتُ أحلُمُ سوى بيْ :
أنْ تظلَّ نجمتي مضيئةً نقيّةً
تُرادُ ألوانٌ لها وتُطلَبُ
وأنْ تدومَ ربوتي مطلّةً على المدى
في همّةٍ تخلعُ ثوبَ جدبِها
وتنتشي أشجارها
وفوقها ظباءُ ما أحبُّ
تلهو فرحًا وتلعبُ
وأنْ يصيبَ مِدفعي أهدافَهُ بقوّةٍ ودقّةٍ
وأنْ يطولَ ليْ إذا ما جاءني وحشٌ يريدُ نهشَ لحمي مِخلَبُ
وأمتطي مَتْنَ بروقٍ
لا يخيبُ خطوُها
ولا يُشَلُّ عزمُها
ولا يغيبُ صوتُها
مبتسمًا مرتِّلًا
نحو بقاعٍ لا أرى فيها انحنائيْ أذهبُ
وأنْ تكونَ كعكتيْ الأحلى
وأنْ يكونَ عرسيْ أجملَ الأعراسِ
فيه الرّقصُ ليسَ ينتهي
ومِنْ نبيذٍ فيه أنسى ما أُذقتُ مِنْ سمومٍ أشربُ
وأنْ أصونَ مكتبيْ مِنَ الغبارِ
ومِنَ الدّودِ
ومِنْ عُوْدِ ثِقابٍ أهوجٍ
حتّى أظلَّ قارئًا مستيقظًا وفاهمًا ما يُكتَبُ
ما كنتُ أحلُمُ سوى بي :
أنْ أقدِّسَ مزاميريْ
وأنقشَ عناوينيْ على جدارِ فضّةٍ أقمتُهُ
وأسقي نخلتيْ
لتقهرَ الفناءَ والهُزالَ والغيابَ
يا كم عشتُ حالمًا
وأبقى حالمًا
وحدي أنا
وليسَ آخَرٌ معي
أطعمُهُ خبزَ حكاياتي
وأسقيهِ شرابَ يقظتي
وهكذا أمشي طريقي نائمًا ولستُ أصحو
إنّني عشتُ لنفسي
ظالمًا نفسي
فقد تغرّبتْ عن نفْسِها
وأصبحتْ تائهةً ساقطةً في هُوّةٍ سحيقةٍ تلدغُها حيّاتُها
فانكسرتْ مرآتُها
وانهزمتْ جيوشُها
ولمْ تعُدْ لصوتِ لحنٍ تطرَبُ
وهْيَ تظنُّ أنّهُ لن تنتهيْ أيّامُها
ولن يُهَدَّ سقفُها
آهِ
وآهٍ
كم قضيتُ عيشتي مغيَّبًا
وما دريتُ أنّني مغيَّبُ
—
القس جوزيف إيليا
١٦ / ١١ / ٢٠٢٤