كتبت عفاف الأفندي :
الكثير من الناس اعتقد أن أسعار الإيجارات ستنهار بعد التحرير، ولكن المفاجأة أن الأسعار ارتفعت إلى أربع أضعاف ما قبل التحرير، فالحقيقة أن ارتفاع الطلب على المنازل السكنية مع تحسن الوضع الأمني وعودة الكثير من العائلات إلى دمشق بعد سنوات من الغياب، زاد الطلب على المنازل والشقق، ما دفع الأسعار للارتفاع بسرعة، كما أن الدمار الواسع الذي لحق بالبنية التحتية خلال سنوات الثورة جعل العديد من المناطق غير صالحة للسكن، وإعادة بنائها وترميمها يحتاج الكثير من المال وهذا ما دفع أصحاب البيوت المهجورة منذ سنوات بعد عودتهم إلى بلدهم للإيجار ريثما يستطيعون ترميم بيوتها. بالإضافة إلى استغلال من مالكي البيوت في ظل غياب تنظيم واضح لسوق الإيجارات، حيث عمد بعض المالكين إلى فرض أسعار تفوق القدرة الشرائية لغالبية السكان، مستغلين حاجة الناس للسكن السريع. وانهيار الليرة السورية أمام الدولار ما دفع أصحاب العقارات لطلب الإيجار بالدولار أو ما يعادله وخصوصاً بعد السماح بتداول العملات الأجنبية.
حيث يمكننا القول: أن هذا الارتفاع المبالغ به أسفر عن آثار اجتماعية واقتصادية كبيرة منها، عجز الكثير من الأسر عن العودة إلى أحيائهم الأصلية بسبب الأسعار الباهظة، حيث أصبح السكن في دمشق حلمًا بعيد المنال للكثيرين، مما أجبر بعض العائلات على السكن في ضواحي بعيدة أو ضمن مساكن غير ملائمة، فبدلاً من الاستقرار، اضطر البعض للتنقل المستمر بحثًا عن سكن بأسعار معقولة.
فإن أزمة السكن في دمشق اليوم هي مرآة تعكس حجم التحديات التي تواجه مرحلة ما بعد التحرير، وإن استمرار التغاضي عن انفلات سوق الإيجارات سيعمّق الانقسام بين من عادوا بالأمل ومن اصطدموا بجدار الواقع القاسي.
لذلك نوجه نداءنا للجهات المعنية وصانعي القرار لإيجاد حلول لهذه لأزمة من خلال إعادة تأهيل المناطق المتضررة لتوسيع المعروض، وفرض قوانين تنظم سوق الإيجارات لمنع الاستغلال، إطلاق مشاريع إسكان إجتماعي تُعيد إلى دمشق وجهها الحقيقي، مدينة لكل أبنائها، لا حكرًا على القادرين فقط.