لعبة مسرحية افتتحها طلاب السنة الرابعة تمثيل بإشراف الفنان بسام كوسا عن نص الكاتب الإنكليزي بيتر شافر بعنوان "الكوميديا السوداء" المكتوبة عام 1965 حيث تلقى هذه المسرحية التي افتتحت عروضها أمس على خشبة الحمراء نظرة غاية في الطرافة على حماقات مجموعة من الشخصيات التي تتحسس طريقها في غرفة داكنة الظلمة رغم أن خشبة المسرح في الواقع تكون غارقة بالأضواء الساطعة.
ونجح الأستاذ المشرف بسام كوسا في توضيب جملة من كوميديا الموقف على الخشبة مستنداً في ذلك على طاقة جماعية لطلاب التمثيل المرشحين للتخرج بعد أربعة شهور من البروفات المتواصلة ليكون الحضور مع طلاب يواجهون جمهورهم وهم على عتبة الاحتراف بكثير من الثقة التي تجلت من خلال تقمصهم الماهر لنسق من شخصيات نمطية غاية في الطرافة قدمها طلاب المعهد العالي للفنون المسرحية ببراعة عالية مجسدين أدوات فن التمثيل على أكثر من مستوى سواء على صعيد الحوار أو حتى على صعيد المفارقات التي قاموا بتصنيعها جنباً الى جنب مع الفنان كوسا.
وتروي مسرحية "الكوميديا السوداء" حكاية فنان شاب يقوم بتوضيب لقاء مع خطيبته لزيارة أحد الأثرياء إلى بيته من أجل شراء أعماله التشكيلية ليتكشف بعد قليل أنه قام بخداع الجميع بعد وصول عشيقته إلى المكان ووالد خطيبته الجنرال المتقاعد إضافة إلى جارته المرأة المتصابية حيث ترتطم هذه الشخصيات بكم كبير من المواقف والمفارقات بناء على فرضية انقطاع الكهرباء التي يبني عليها كاتب النص مواقفه الساخرة من كذب المثقفين وانهيار قيم الطبقة الوسطى ونفاق أصحاب المال وعلاقات الحب العابرة في فضاء هذه الغميضة الاجتماعية.
وقال المخرج مأمون الخطيب أنه مسرور جدا من مستوى هذه الدفعة بشكل عام فهم من أكثر الدفعات التزاما وجدية فبعد أن تعرضوا لعدة مدارس في التمثيل كان ختامها مسك مع عرض "الكوميديا السوداء" فإن أهم شيء بالنسبة للطلاب هو تجربتهم الجماعية للعرض على خشبة مسرح الحمراء كونه معترف به كمسرح خارج نطاق المعهد وبهذا أعادونا إلى التعاون السابق مع مديرية المسارح لإثبات فرضية أن عرض التخرج هو عرض احترافي و من المهم أن يكون خارج جدران المعهد.
وأوضح الخطيب في حديث خاص لسانا أنه يقدر جدا دور الأستاذ المشرف بسام كوسا في طرح نص بيتر شافر والعمل مع الخريجين الجدد على نوع أداء جديد عليهم وهو كوميديا الموقف حيث أثبت الخريجون قدراتهم بشكل مميز جدا كما هي عادتهم في جميع فصول الدراسة التي مروا بها في رسم الشخصية وتلوين أدائها عبر الشراكة الحقيقية بينهم كممثلين من جهة وبين الأستاذ المشرف عليهم من جهةٍ أخرى.
وقدمت هذه التجربة التي خاضها الفنان بسام كوسا بتفان كبير مع طلاب التمثيل مساحة رحبة لهؤلاء للوصول إلى مهارات أداء أضيفت إلى خبراتهم التي تلقوها في السنوات السابقة عبر إنتاج الأنا الخالقة لطالب التمثيل لأنا الشخصية التي يقوم بأدائها على المسرح وذلك وفق مساحات من اللعب المتواصل مع الممثل الشريك بعيدا عن المونولوجات المنفصلة وكأسلوب راق في إنضاج أدوات الممثل ودفعه إلى التجريب الحر مع زملائه استناداً إلى فرضية عكسية هي تعامل الطلاب مع العتمة على أنها ضوء وعلى الضوء الساطع على أنه عتمة حيث رسخت هذه الفرضية كسر إيهام عالي المستوى لإبراز قدرات طالب التمثيل وتكيفه مع الفضاء المسرحي.
يذكر أن عرض الكوميديا السوداء من تمثيل كل من الطلاب: نانسي خوري، طارق عبدو، نورا العايق، ياسمين المصري، أنس طيارة، غابرييل المالكي،عمر عنتر/ ميار الكسان، آلاء مصري زادة، مازن الجب/ مخرج مساعد عمر أبو سعدا مساعد مخرج منصور نصر موسيقا رعد خلف سينوغرافيا وسام درويش تصميم إضاءة بسام حميدي/ تصميم ملابس تولين قات/ ماكياج أحمد حيدر/ تنفيذ فني ديكور ريم حلو/.
والكاتب بيتر شافر واحد من أهم كتاب المسرح الإنكليزى المعاصر ولد في ليفربول 1926 وبدا حياته الأدبية بالكتابة للتلفزيون والإذاعة ومن أهم مسرحياته "تمرين للأصابع الخمس" التي كان كتبها سنة 1957 و التي استمر عرضها لسنوات طويلة في لندن وسنة في نيويورك، ومسرحيات أذن خاصة وعين عامة والكذب الأبيض ومعركة قلعة شرايفينج.
وعرض الكوميديا السوداء مستمر يومياً الساعة الخامسة على مسرح الحمراء بدمشق حتى السابع من تموزالجاري.